كتب: بيجاد سلامة
هو سيف الدين أبوبكر أحمد بن أبي الشكر أيوب بن شادي بن مروان، الملقب بـ”العادل أبوبكر”، شقيق صلاح الدين الأيوبي. ثالث سلاطين الدولة الأيوبية في مصر.
ولد في بعلبك عام 1144م، رحل إلى مصر مع أبيه عام 1170م، وكان صلاح الدين قد ولي وزارتها للخليفة الفاطمي “العاضد” عام 1169م عقب وفاة عمه “أسد الدين شيركوه” قائد جيش نور الدين.
وأول ما ولي من الأعمال لصلاح الدين حين استقل بحكم مصر بعد وفاة نور الدين عام 1173م قيادته لجيش أرسل إلى أسوان لإخماد ثورة هناك تريد إرجاع الخلافة الفاطمية، وقد تمكن من القضاء عليها، ثم استنابه صلاح الدين على مصر لما توجه إلى بلاد الشام، ليبدأ سياسته في توحيدها مع مصر تحت سلطانه، وقد بقي نائبًا له فيها حتى فتح صلاح الدين حلب عام 1183م فولاه إياها، ثم أعاده إلى ولاية مصر عام 1186م.
وعقب فتح صلاح الدين لمدينة عكا عام 1187م، توجه العادل من مصر إلى أخيه صلاح الدين وهو على حصار صور، ثم رافقه إلى عسقلان حتى فتحت في آخر جمادى الأخرى فولاه إياها، وشارك صلاح الدين في فتح بيت المقدس في رجب من السنة نفسها، وتولى استيفاء الفدية التي ضربت على الصليبيين فيها.
بعد ذلك عاود مع صلاح الدين حصار صور، فلما امتنعت عليهما رحل صلاح الدين عائدًا إلى عكا، وسار العادل إلى مصر، وبقي فيها حتى عام 1188م، ثم توجه إلى الشام، فأقامه صلاح الدين في “تبنين” ليحفظ البلاد أثناء توجهه لفتح اللاذقية، وحين عاد صلاح الدين من فتح اللاذقية، أعطى العادل الكرك وأخذ منه عسقلان، ثم أذن له بالعود إلى مصر.
وكان الصليبيون قد أعادوا تجميع صفوفهم، فخرجوا من صور نحو عكا لمحاصرتها، ونزلوا عليها عام 1189م، فكتب صلاح الدين للعادل يستدعيه من مصر مع العساكر، فتوجه إليه وبقي ملازمًا له.
وحينما توفي “تقي الدين عمر” والذي كان يتولى حماة والرها وحران وسميساط، فولى صلاح الدين تلك البلاد للعادل على أن ينزل عن إقطاعه في مصر، وأن يبقى له في الشام الكرك والشوبك والصلت والبلقاء، فسار العادل إلى حران يرتب أمورها.
وفي عام 1193م توفي صلاح الدين فقدم العادل من الكرك إلى دمشق، ولم يطل المقام فيها بل رحل طالبًا بلاده الرها وحران وسميساط خوفًا عليها من حاكم الموصل، وكان صلاح الدين قبل وفاته قد ولي ابنه “الأفضل” على دمشق وتوابعها، وولي ابنه “العزيز عثمان” مصر، وابنه “الظاهر غازي” حلب وتوابعها.
وسرعان ما نشب بين الأخوين العزيز والأفضل صراع، حاصر العزيز على إثره دمشق مرتين، وقد استعان الأفضل فيهما بعمه العادل الذي استفاد من هذا الصراع بين الأخوين بعودة إقطاعه في مصر في الأولى، ثم بإقامته في مصر بالثانية استعداداً للانقضاض على دمشق.
وقد سنحت له الفرصة عام 1196م حيث سقطت دمشق بيد العزيز عثمان والعادل، وأخرج الأفضل منها إلى صرخد، وأصبح العادل على إثرها نائبًا للعزيز في دمشق وأعمالها.
وحين قدمت الحملة الألمانية إلى عكا عام 1197م، استطاع العادل أن يقف في وجهها، ويستولي على يافا بهجوم مباغت، ورد الصليبيون على ذلك باستيلائهم على بيروت، غير أن العادل تجنب الاصطدام بهم في معركة، مفضلاً عقد هدنة معهم، وقد تم له ذلك عام 1198م، وكانت مدة الهدنة خمس سنين وثمانية أشهر، وأتاحت له هذه الهدنة الاستيلاء على مصر عقب وفاة العزيز عثمان طاردًا منها الأفضل الذي حاول حكمها نائبًا لابن العزيز، ثم خلع ابن العزيز، واستقل بحكم مصر عام 1200م، وأستدعى ابنه الكامل من حران ليكون نائبه فيها.
وهكذا تمكن العادل بعد نحو سبع سنين من وفاة صلاح الدين أن يصبح سلطان مصر وبلاد الشام، وأن يعيد توحيد البيت الأيوبي تحت سلطانه.
سياسته تجاه الصليبيين
كان الملك العادل يعتقد أنه أحق الناس بالسلطنة بعد أخيه صلاح الدين، إلا أنه لم يتابع سياسة أخيه في مقاومة الصليبيين، بل آثر مسالمتهم، فما كانت تنتهي هدنة حتى يسارع إلى تجديدها حتى انتهت آخر هدنة عام 1217م، حيث كانت الحملة الصليبية الخامسة في طريقها إليه، ولما وصلت طلائعها إلى عكا خرج من مصر إلى الشام، فبرز الصليبيون لقتاله، فانحرف عنهم إلى بيسان من الأردن، ثم اتجه نحو دمشق.
وما كاد يستقر فيها حتى فوجئ بالحملة الصليبية تصل إلى عكا، ثم تشق طريقها بحرًا نحو دمياط، وقد استطاع الصليبيون عام 1218م من الاستيلاء على برج دمياط، وهو برج منيع، وكان سقوط هذا البرج مؤذنًا بسقوط دمياط في أيديهم.
وفاته:
عندما وصل خبر سقوط دمياط في أيدي الصليبيين إلى العادل وهو بالشام وقع مريضًا، وسرعان ما توفي عام 1218م فدفن بقلعة دمشق، ثم نقل عام 1222م إلى تربته في المدرسة العادلية الكبرى بدمشق.