منوعات

أيمن الكرفى يكتب: موقف مصر من صراع العملة الدولية «٣»

قلم صدق..

بعد التناول سالف الذكر لاستعداد روسيا والصين.. وكيف أنهما يسارعان الخطى للالتحاق بالقطار السريع للعملة النقدية.. والتصارع مع العملة الأمريكية، وانتهازهما الخط البيانى السلبى والتنازلى للدولار.. وبقراءة ملعب العملة النقدية العالمية يتضح أن الروبل الروسى واليوان الصينى قطعا شوطًا كبيرًا إلا أنه ما زال أمامهما الكثير للوصول إلى قمة عملة الاحتياطى النقدى الدولى؛ لأنه ليس بالسهل المجازفة والمراهنة على الاستغناء عن الدولار سواء على مستوى الفرد كرجال الأعمال أو على مستوى الدول، وذلك لعدم التفريط فى المخزون الدولارى لديهم، وكأن الزمن يعيد نفسه.. ويرجع بنا لفترة ما قبل الحرب العالمية الثانية وما بعدها حينما أخذت الدول بخدعة من أمريكا فى جمع وتخزين الدولار على اعتبار أنه بديل الذهب الاحتياطى، ثم خدعة نفاد الاحتياطى الذهبى، ما جعل الإبقاء على الدولار أمرًا مفروضاً اضطراريًا طالما أخذت كل دولة تجمع أكبر كمية من عملة الدولار، هذا بجانب العوامل الأخرى التى سردناها فى مقالات سابقة.

أما العملة المصرية «الجنيه» وموقفها وسط هذا الصراع فقد مرت بمنحدر بيانى تأثرت خلاله بانخفاض طفيف ارتباطاً بالحالة السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية فى بدايتها قبيل دخول القرن العشرين، حيث بدأ الجنيه فتيًا قويًا والخط البيانى له مرتفعًا لأكثر من 60 عامًا منذ سكه، فقد كانت قيمة الجنيه الواحد تساوى 7.43 جرام من الذهب، وكانت قيمته كعملة من أعلى عملات العالم قيمةً، وكانت تفوق عملات دول كبرى بما فيها الدولار الأمريكى، فكان الجنيه المصرى يعادل ٥ دولارات أمريكى تقريبًا، والجنيه الاسترلينى ٩٣٫٤٥ قرش.. ولم تنزل قيمة الجنيه عن عرش التفوق إلا فى أواخر أربعينيات القرن الماضى، بعد الحرب العالمية الثانية، وعندما تم البدء فى جلاء الإنجليز عن مصر، وفك ارتباط الجنيه المصرى بالعملة البريطانية (الجنيه الإسترلينى)، فحينما خفض الجنيه الإسترلينى بمقدار 30.5% مرة واحدة من قيمته، تبعه الجنيه المصرى بنفس القيمة، لتنخفض قيمته إلى 2.87 دولار، بعد أن كان الجنيه الواحد يعادل ٤٫٥ دولار، لأن غطاءه النقدى كله تقريبًا كان لا يزال مكونًا من سندات بريطانية، وتعتبر هذه بداية النكسة القيمية للجنيه، فبداية هذا التاريخ ٩/١٩٤٩ إلى يومنا هذا ٣/٢٠٢٣ لم يرَ الجنيه النور، حيث فقد ٧٠٠٪ تقريبًا من قيمته بعد أن أصبح الدولار قيمته ٣٠ جنيهًا.. وتتوالى الأنظمة عليه لتخرجه من هذا النفق الذى أدخله فيه الاحتلال البريطانى لمصر حتى أنه الآن يعيش ما بين جلسات اقتصادية ونقدية لانتعاشته، وبين نزوع الروح منه.. فالجلسات الاقتصادية خلاصتها متمثلة فى الاكتفاء الذاتى ووفرة العملة الاحتياطية العالمية، والجلسات النقدية متمثلة فى خبراء النقد والأوراق المالية.. فهل تتحد الخبرة مع الاكتفاء ليخرجا الجنيه من هذا النفق؟.. الإجابة فى الإرادة.

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى