عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مؤتمرا صحفيا بمحافظة سوهاج، عقب زيارته لمصابي حادث تصادم القطارين، حضره وزراء: التعليم العالي والبحث العلمي، والتنمية المحلية، والصحة والسكان، والتضامن الاجتماعي، ومحافظ سوهاج.
واستهل رئيس الوزراء حديثه، بالإعراب عن تقديم خالص التعازي لأسر وأهالي الضحايا، الذين توفاهم الله في هذا الحادث الأليم، وكل الدعوات بالشفاء التام للمصابين.
وأوضح مدبولي أن الحاث وقع في الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم الجمعة، في منطقة الصوامع التي تقع غرب مركز طهطا بمحافظة سوهاج، ناتجا عن تصادم قطارين، لافتا إلى أن حصر أعداد المصابين والمتوفين لا يزال قائما حتى هذه اللحظة.
وقال مدبولي: بمجرد وقوع الحادث الذي علمنا به بعد وقوعه بدقائق معدودة، صدرت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، على الفور بأن تحشد كافة أجهزة الدولة إمكانياتها من أجل التعامل مع تداعيات هذا الحادث، وتقديم كل سبل الرعاية الممكنة للمصابين، مع الإسراع بالوقوف على أسباب الحادث، كما تم تفعيل غرفة الأزمات برئاسة مجلس الوزراء، وبدأنا التنسيق مع كل الوزارات والجهات المعنية في الدولة من أجل توجيهها للتعامل الفوري مع تداعيات الحادث، وفي الوقت نفسه تحرك عدد كبير من سيارات الإسعاف لنقل المصابين وكذلك نقل جثامين المتوفين، وتم توجيه جميع المستشفيات التابعة لوزارة الصحة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي من خلال جامعة سوهاج لاستقبال جميع الحالات وحشد جميع الأطقم الطبية للتعامل مع الحادث.
كما نوه رئيس الوزراء إلى توجيه الرئيس السيسي بتوجيه كامل الرعاية الصحية للمصابين، كما تم بناء على تعليمات الرئيس تحريك طائرة خاصة تابعة للقوات المسلحة؛ لنقل الحالات الحرجة التي تستدعي تدخلات جراحية دقيقة، والتي قد يتطلب الأمر نقلها إلى القاهرة، ويتم الآن تحديد الحالات التي سيتم نقلها للقاهرة.
وخلال المؤتمر، أشار مدبولي إلى أنه وصل إلى محافظة سوهاج لمتابعة الحادث بصحبة وزراء التعليم العالي والبحث العلمي، والصحة، والتنمية المحلية، والتضامن، وكذلك وزير النقل الذي يتابع ويدير الآن من موقع الحادث عملية إزالة الآثار المترتبة على الحادث، وإعادة تسيير حركة القطارات في هذا المرفق المهم للغاية بالنسبة لنا جميعا، مشيرا كذلك إلى قيامه مع الوفد المرافق من الوزراء بزيارة عدد من المستشفيات للاطمئنان على حالة المصابين، والتأكد من أنهم يتلقون الرعاية الصحية اللازمة، حيث تم إجراء عدد من العمليات الجراحية، كما أن هناك حالات أخرى تحت الملاحظة الدقيقة.
ونوه مدبولي إلى أنه بعد الاطمئنان على الحالات توجه إلى مقر ديوان المحافظة، وعقد اجتماعا مع الوزراء المرافقين ومحافظ سوهاج؛ لوضع تصور للتعامل مع تداعيات الحادث وآثاره على أسر الضحايا والمصابين.
وقال رئيس الوزراء : بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، تم الاتفاق على مضاعفة أرقام التعويضات المالية، التي يتم صرفها عند وقوع مثل هذه الحوادث؛ بحيث سيتم صرف مبلغ 100 ألف جنيه لأسرة كل متوفي في الحادث، ومن 20 إلى 40 ألف جنيه لكل مصاب، وفقا لدرجة الإصابة التي سيتم إقرارها.
كما أشار مدبولي إلى أن توجيهات الرئيس السيسي تضمنت أيضا ضرورة الإسراع بفتح تحقيق فوريّ؛ للوقوف على ملابسات الحادث، حيث وجه الرئيس بتشكيل لجنة من الجهات الرقابية والفنية المتخصصة، لافتا إلى أن هذه اللجنة بدأت بالفعل في ممارسة عملها وفور تشكيلها وهي متواجدة بالمحافظة الآن.
وفيما يتعلق بالشق الجنائي، نوه رئيس الوزراء إلى وصول السيد النائب العام إلى المحافظة، وبصحبته فريق من المكتب الفني للنيابة العامة، وبدأوا مباشرة أعمالهم من مكان وقوع الحادث، حيث بدأت التحقيقات بالفعل، سعيا للتوصل إلى الأسباب الحقيقية لهذا الحادث، وقال: نحن الآن بصدد انتظار التحقيقات وما ستتوصل إليه للتعرف على أسباب الحادث وكيفية وقوعه، مطالبا الجميع بانتظار نتائج هذه التحقيقات، وعدم التسرع في إبداء الأسباب أو الآراء في هذا الصدد، مشيرا لما تم طرحه من بعض الجهات من أطروحات سريعة فور وقوع الحادث حول أسبابه، مطالبا بانتظار ما ستسفر عنه تحقيقات هذه اللجان؛ سواء الفنية الرقابية أو الجنائية.
وخلال المؤتمر الصحفي، تحدث رئيس الوزراء عن تعرض مرفق السكك الحديدية لوقوع بعض الحوادث الأليمة كل عدة سنوات، وقال: بمنتهى الشفافية سأتحدث كمواطن مصري وليس كرئيس للوزراء، وأعلم أن لسان حالنا جميعا يتساءل: إلى متى سيستمر وقوع هذه الحوادث، وفي ضوء ذلك تحدث رئيس الوزراء عن الأوضاع التي كان عليها مرفق السكك الحديدية حينما بدأت الدولة منذ 3 سنوات في تحديث وتطوير هذا المرفق، لافتا إلى أن هذا المرفق شهد عقودا من الإهمال وعدم التطوير والصيانة للدرجة التي وصل فيها إلى حالة من التقادم، حتى أننا واجهنا مشكلة عند بدء التطوير تتمثل في أنه كان لدينا آلاف من الكيلومترات من خطوط السكك الحديدية كانت لا تزال تعتمد على أنظمة التحكم اليدوية، كما تعتمد على العنصر البشري بشكل أساسي، كما أننا حين بدأنا العمل في تطوير هذا المرفق الحيوي الذي يخدم ملايين المصريين، وجدنا أن هناك عربات قطارات انتهى عمرها الافتراضي، وأصبحت متهالكة منذ سنوات عديدة.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الدولة رصدت مئات المليارات لتحديث هذا المرفق المهم، لكن على الرغم من أن الدولة بدأت خطوات جادة في مسار التحديث ، إلا أنه لا يزال أمامنا الكثير للانتهاء من خطة التطوير بالكامل، والتي تشمل تحديث الأنظمة بحيث تعمل بشكل آليّ، وتحويل جميع المزلقانات للعمل إلكترونيا بدلا من العمل بشكل يدوي، كما أننا نعمل على تطوير نُظم التحكم، التي كانت تدار بطريقة يدوية وميكانيكية قديمة من أجل تحويلها إلى نظم إلكترونية.
ولفت رئيس الوزراء إلى حجم الأعمال الهائل الذي تقوم به الحكومة؛ فلدينا عشرات الآلاف من غرف التحكم نقوم بتحديثها ، كما نعمل على تحديث أسطول من قطارات السكك الحديدية، حيث تعاقدت الدولة على شراء قطارات بعشرات المليارات من الجنيهات، ويتم توريد هذه القطارات تباعا، وقال إن التحدي اليوم لم يعد هو مسألة التمويل، بقدر ما يتمثل في مقدار الوقت اللازم لإنهاء عملية تطوير هذا المرفق.
كما أوضح الدكتور مدبولي أنه يتبقى أيضا تحدٍ آخر وهو استمرار تشغيل هذا المرفق بالتزامن مع عملية التطوير التي تتم وفق معدلات تنفيذ، فلايمكن اتخاذ قرار بإيقاف هذا المرفق الحيوي الذي يسهم في نقل ملايين المصريين يوميا، من خلال عشرات الآلاف من الرحلات اليومية، فنحن نحاول بقدر الإمكان إسراع الخطى في عملية التطوير، وفي هذا الصدد قامت الدولة بتخصيص اعتمادات كبيرة لأعمال التطوير، كما تم التعاقد مع شركات عالمية ومحلية، لكن مع بدء أزمة جائحة كورونا تأخر وصول بعض المعدات والمهمات من الخارج، وتعمل الحكومة بكل جهد من أجل إلزام الشركات بتوريد باقي المهمات المطلوبة.
واختتم رئيس الوزراء حديثه بقوله : ما أود أن أؤكد عليه لجموع الشعب المصري هو أننا في ألم شديد بسبب وقوع هذا الحادث، وليس لدينا سبيل كدولة وكحكومة وعلى صعيد جميع أجهزة الدولة غير الاستمرار في تطوير هذا المرفق الذي تحشد الدولة من أجله جميع إمكاناتها لتحديثه، لكن عملية التطوير هذه لن تستغرق وقتا قليلا فهي تحتاج لبعض الوقت، ومع هذا العدد الكبير من المواطنين الذي يتم نقله يوميا عبر مرفق السكك الحديدية ومع عشرات الآلاف من الرحلات، إلى جانب عدم توقف هذا المرفق الحيوي خلال عملية التطوير، من الوارد أن يقع حادث مثل الذي وقع اليوم، ولا سبيل إلا الإسراع في عملية التطوير في المرحلة المقبلة حتى نستطيع تحييد تحكم العنصر البشري في هذه المنظومة؛ وكي نستطيع تحقيق أكبر درجة من الأمان في حركة هذا المرفق المهم.
وجدد رئيس الوزراء خالص التعازي والدعوات للمصابين بسرعة التعافي، مؤكدا للشعب المصري أن الدولة لن تترك المتسبب في هذا الحادث بدون عقاب رادع بمجرد انتهاء اللجان من عملها.