ثقافةسلايدرفنون

مهرجان القاهرة السينمائى (5-11)

مع التكريم عتاب

كتب – جمال المراغى

اختار المهرجان ثلاثة لتكريمهم، سجل كل منهم لنفسه صفحة في مرجع تاريخ السينما، اثنان لإنجاز الحياة، أحدهما السير البريطاني «كريستوفر هامبتون»، الكاتب والمخرج السينمائي والمسرحي، وهو أفضل من مزج السمات المميزة للمسرح وعالج نصوص في السينما ببراعة، لهذا جمع بين جائزتي الأوسكار والكرة الذهبية سينمائيًا عن فيلمه المهم «علاقات خطرة» عام 1988، وبين جائزتي توني مسرحيًا عن عرض «شارع الغروب».

والثانية لأفضل من كتب للسينما المصرية في أخر 45 عامًا، «وحيد حامد»، ويكفي أنه في كل عام شهد أفلامًا له كان يتم اختيار أحدهم كأفضل فيلم خلال ذلك العام، على سبيل المثال لا الحصر، «طائر الليل الحزين» أول عمل له عام 1977، «الغول» عام 1983، «حد السيف» عام 1986، «الدنيا على جناح يمامة» عام 1988، «طيور الظلام» عام 1995، «اضحك الصورة تطلع حلوة» عام 1998 و«دم الغزال» عام 2005.

ولجائزة فاتن حمامة للتميز «منى زكي»؛ وهي البطلة المفضلة عند أهم كتاب ومخرجي السينما خلال العشرين عام الأخيرة من «أشرف فهمي» إلى «شريف عرفة»، «وحيد حامد»، «محمد خان»، «محفوظ عبدالرحمن» و«أحمد نادر جلال».

هنا لا مناص من التوقف وتوجيه العتاب، ففي الدورة رقم 27 من المهرجان عام 2005 تم تكريم الراحل «أحمد زكي»، وفي الدورة رقم 37 من المهرجان عام 2015 كُرِّم الراحل «نور الشريف»، وفي الدورة التالية تم تكريم «محمود عبد العزيز»، فإن كان تكريم رموز السينما الراحلين من تقاليد المهرجان التي توقفت – مع العلم أن إدارة المهرجان الحالية قامت بتكريم الأستاذ يوسف شريف رزق الله الدورة الماضية، والأستاذ سمير فريد في افتتاح الدورة السابقة لها – فإن قيمة ومكانة الفنان محمود ياسين كانت تستلزم إعادة هذا التقليد بل والبحث عن طريقة مبتكرة لتكريمه بما يليق به.

لا شك أن لكل من ذكرهم رئيس المهرجان في ختامه من نجوم السينما المصرية تقديره واحترامه، ولكن الفنان محمود ياسين في منطقة أخرى، فهو الوحيد من أبناء جيله ممن تذكرهم وكرمهم المهرجان الذي تكرر وجوده بين أفضل خمسة ممثلين في القرن العشرين بصحبة شكري سرحان، كمال الشناوي، رشدي أباظة وأحمد مظهر، ولم تخلو معظم قوائمها من اسمه، وُلد بموهبته الواضحة نجمًا، وفضلته أهم نجمات السينما؛ فاتن حمامة، سعاد حسني، شادية، ماجدة، وعشرات غيرهن.

لفت انتباهي أن هناك أقلام غير فنية دفعها رحيله للكتابة عنه على غير المعتاد، وعن قصد أو بدون، سبقوا اسمه بكلمة «محترم»، ليعيدنا ذلك لعدة عقود كانت فيها مكانة التمثيل ومن يمتهنها متدنية، ولكن محمود ياسين مع غيره ساهموا في الارتقاء بها، إلا أنها عادت تتدنى للأسف عند الكثيرين من أسر الطبقات المتوسطة، وبرحيله باتت الأستاذية بالفعل في طور الانقراض، الأستاذية التي تتطلب موهبة يغذيها صاحبها باللغة والثقافة والرؤية الفكرية والمجتمعية الواضحة والثاقبة.

وما يقال في «محمود ياسين» ينعكس وبزيادة مطردة على الفنانة «نادية لطفي» صاحبة 5 أفلام بين أفضل 100 فيلم مصري في القرن العشرين وإحدى نجمات الجيل الذهبي في السينما المصرية والتي مر عليها رئيس المهرجان مرور الكرام، أما السقطة الأكبر فتتمثل في تجاهل أو السهو حتى عن ذكر الفنانة «ماجدة» التي أسهمت في قائمة أفضل مئة فيلم بأربعة كمنتجة وممثلة واستمرت رحلة عطائها في السينما المصرية لما يقرب من نصف قرن.

أثناء بحثي عن بداية تقليد تكريم الراحلين في أرشيف الصحف والمجلات دون جدوى، عُدت إلى الموقع الإلكتروني لمهرجان القاهرة السينمائي، فوجدته بلا تاريخ، ولا حتى معلومة واحدة عن الدورة السابقة، فماذا عن أربعين دورة أخرى؟، إن تاريخنا المهم يحتاج لنظرة، ونحمد الله أنه مازالت هناك مصادر متوفرة لرصد تاريخ كل دورة ومعلومات عن الأفلام والمكرمين والجوائز وغيره، وتغذية الموقع بها، وكذلك عمل مجلد ورقي لكل دورة مدوَّن بها ما أمكن من الذكريات، وإتاحة هذه المجلدات وكذلك نسخ من الكتب التي أصدرها المهرجان خلال تاريخه في مكتبة مناسبة بمقره المعروف بوسط البلد.

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى