
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، مساء الجمعة، موافقتها على إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء وتسليم جثامين القتلى، استنادًا إلى المقترح الذي طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023.
وأكّدت الحركة، في بيان رسمي، استعدادها للدخول الفوري في مفاوضات عبر الوسطاء لبحث تفاصيل خطة ترامب، مشيرة إلى قبولها بتسليم إدارة قطاع غزة إلى هيئة فلسطينية مستقلة من التكنوقراط، يتم تشكيلها بالتوافق الوطني، وتحظى بدعم عربي وإسلامي.
وتتضمن الخطة الأميركية، بحسب ما نقلته وسائل إعلام، وقفًا فوريًا لإطلاق النار، وتبادلًا للرهائن والمعتقلين، يليها انسحاب إسرائيلي جزئي من القطاع، ونزع سلاح حركة حماس تدريجيًا، مع تشكيل حكومة انتقالية دولية لإدارة المرحلة المقبلة.
وكان الرئيس ترامب قد منح الحركة مهلة تنتهي مساء الأحد لاتخاذ قرارها النهائي بشأن الخطة، محذرًا من “عواقب وخيمة” حال رفض المقترح.
يذكر أن الحرب في غزة اندلعت في أعقاب هجوم شنته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وأدى – وفق الإحصاءات الإسرائيلية – إلى مقتل نحو 1200 شخص واقتياد 251 رهينة إلى داخل القطاع. في المقابل، تؤكد السلطات الصحية في غزة أن العمليات العسكرية الإسرائيلية أسفرت عن مقتل أكثر من 66 ألف فلسطيني حتى الآن.
قراءة سياسية موسّعة
يمثل إعلان حماس قبولها بالمقترح الأميركي نقطة تحوّل محتملة في مسار الحرب، إلا أن نجاح الخطة سيظل رهينًا بمواقف الأطراف الأخرى. فالولايات المتحدة، من خلال مبادرة ترامب، تسعى إلى تحقيق اختراق سياسي يرسخ نفوذها في المنطقة ويمنح الإدارة الأميركية رصيدًا داخليًا قبيل الانتخابات، بينما تواجه إسرائيل معضلة مزدوجة بين ضغوط عسكرية لمواصلة العمليات، وضغوط دولية متنامية للقبول بوقف الحرب.
من جانب آخر، فإن إدراج بند “نزع سلاح حماس” في الخطة يمثل نقطة خلافية قد تعيق التوصل إلى اتفاق شامل، خصوصًا في ظل رفض الحركة لأي صيغة تمس جوهر قوتها العسكرية. وفي المقابل، قد تسعى إسرائيل لاستغلال هذا البند كورقة تفاوضية لزيادة مكاسبها السياسية والأمنية.
أما على الصعيد الإقليمي، فإن موافقة حماس تفتح الباب أمام دور أكبر للوسطاء العرب، وعلى رأسهم مصر وقطر وتركيا، في محاولة لإعادة ترتيب المشهد الفلسطيني الداخلي وربط غزة بمشروع سياسي أوسع، يضمن مشاركة السلطة الفلسطينية أو هيئة مستقلة في إدارة القطاع.
وبذلك، يمكن القول إن الموقف الجديد لحماس يضع الأطراف كافة أمام اختبار دقيق: هل يتم استثمار اللحظة لوقف نزيف الدم وإعادة بناء مسار سياسي جديد، أم أن الخلافات حول التفاصيل ستعيد الأمور إلى دائرة العنف والتصعيد؟