علوم وتكنولوجيا

باحثات مصريات متميزات

لم تحظَ النساء في مصر بفرصة كبيرة في الاختبار في المناصب القيادية في ْمجال البحث العلمي، لكنهن استطعن في المقابل، إثبات أنفسهن كباحثات لهن بصمة واضحة في مجال تخصصهن، وهو ما أهّل الكثيرات منهن للحصول على جوائز دولية، ليثبتن أن المرأة تستطيع تحدي ثقافة التمييز ضد المرأة، التي لا تزال سائدة في القطاع.

الباحثة إلهام فضالي

مشكلات المرأة الباحثة

ورغم وجود قوانين مُنصفة للمرأة الباحثة تمكّنها من الحصول على إجازات لرعاية الأطفال دون أن يؤثر ذلك على راتبها أو درجتها الوظيفية، فإن ثقافة التمييز تتحدى القوانين، وتمثل عائقاً يعطّل البعض، في حين تُشعل عند أخريات جذوة همتهن، لينجحوا مؤخراً في تحقيق إنجازات تعدّت حدود المحلية.
ونبّهت دراسة للمجلس الثقافي البريطاني بمصر، نشرها موقعه الإلكتروني مؤخراً، إلى مشكلة بعض الباحثات في التكيف مع الوضع المتحيز للرجال، على الرغم من وجود قوانين وسياسات تدعم المرأة في العلوم. وتسبّب تطبيق القوانين على نحو غير مناسب، بسبب غياب الرقابة أو ضعف التنفيذ، في تأكيد 68% من المشارِكات بالدراسة عدم وجود دعم كافٍ فيما يتعلق بإجازات الوضع ورعاية الطفل، بينما يعتقد 58% منهن بعدم وجود أحكام ملائمة لعدد ساعات العمل.
ودفعت هذه المشكلات غالبية المشاركات بالدراسة من الطالبات والمهنيات في مجالات العلوم، إلى المطالبة بضرورة تغيير السياسات الحالية في الأوساط التعليمية والصناعية كي تكون أكثر شمولاً للنساء. ويمثل تغيير السياسات الحل الذي يحتاج إلى الانتظار بعض الوقت. تشير أمل أمين، مؤسِّسة مبادرة «المرأة في العلوم بلا حدود»، والأستاذة المساعدة بالمركز القومي للبحوث بمصر، إلى أن مصر ماضية بشكل جدّي في تنفيذه، ولكن الحل الأسرع –في تقديرها- هو قرار ذاتي تتخذه الباحثة بأنها ستمضي في طريقها وتصنع قصة نجاحها الشخصية على الرغم من التحديات.
وتقول أمين لـ«الشرق الأوسط»: «حقق الكثير من الباحثات المصريات مؤخراً إنجازات تشير بوضوح إلى أنه بالإمكان تحدي الظروف الاجتماعية، وتحقيق إنجازات علمية، مهما كانت التحديات».

 

باحثات متميزات

 

> باحثة الفيزياء: تنتمي بطلة أبرز الإنجازات التي تحققت مؤخراً، الباحثة إلهام فضالي، طالبة الدكتوراه في الفيزياء التطبيقية بجامعة أيندهوفن الهولندية، إلى محافظة بني سويف بصعيد مصر، وهي منطقة تشتهر بالعادات الاجتماعية المحافظة، التي لا تحبّذ سفر المرأة أو استمرارها في الدراسات العليا، إلا أنها نجحت بمساعده والدتها في قهر هذه العادات، لتحصل في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي على إحدى ثمار قصة كفاحها، والمتمثلة في جائزة إنجاز العام (2020) في الفيزياء من مجلة «فيزياء العالم» المرموقة.
والإنجاز الذي حققته فضالي تَمثل في إحداث تغيير في خصائص مادة السيليكون حتى تكون قادرة على انبعاث الضوء، ومن ثم نقل البيانات عبر الضوء سواء على الهواتف أو الأجهزة الإلكترونية.
ومادة السيليكون، المصنَّعة من الرمال، لها خصائص إلكترونية جيدة، إلا أنها غير قادرة على إشعاع الضوء بشكل كبير، وتمكنت فضالي وفريقها البحثي في دراسة نُشرت بدورية «نيتشر» في أبريل (نيسان) الماضي، من تغيير خصائصها لإنتاج مادة جديدة لها خواص ضوئية جيدة وهي (السيليكون جرمانيوم ذات البناء السداسي).
وقيمة هذا الإنجاز في أبعاده التطبيقية التي أشارت إليها الدراسة المنشورة في دورية «نيتشر»، حيث يمكن استخدام نتائجه لنقل البيانات عن طريق الضوء ما بين الشرائح الإلكترونية في الحواسيب الآلية، وما بين الأجهزة وبعضها في مراكز البيانات والتي تتطلب سرعة فائقة في نقل البيانات.
ويمكن استخدام التقنية الجديدة أيضاً في تطبيقات مثل السيارات ذاتية القيادة التي تعتمد على الإشارات الضوئية في مجال الأشعة تحت الحمراء غير الضارة بعين الإنسان، والتي تُستخدم في مسح الأشياء والأشخاص حول السيارات لمسافات طويلة في أثناء القيادة، كما يمكن أن تكون مفيدة أيضاً في تطبيقات المستشعرات أو المجسات البيولوجية للكشف عن المركبات التي لها بصمة في مجال الأشعة تحت الحمراء.
> باحثة الخلايا الجذعية: وهناك إنجازات أخرى تسعى لعلاج الأمراض التي يعاني منها، كانت بطلتها الباحثة المصرية أيضاً. وأحد أبرز هذه الإنجازات يتعلق باكتشاف أن الخلية السرطانية تفرز مواد تحول الخلايا المجاورة لها إلى خلية سرطانية جذعية، وهو اكتشاف طبي، توصل إليه فريق بحثي تقوده الدكتورة نجوى البدري، مديرة مركز التميز لأبحاث الخلايا الجذعية بمدينة زويل.
وتقول البدري لـ«الشرق الأوسط»: «وجدنا أن الخلية السرطانية تفرز مواد تحول الخلايا المجاورة لها إلى خلية سرطانية جذعية، لها سمات الخلايا الجذعية من حيث التجدد والانقسام لأنواع أخرى من الخلايا، وهو ما جعلنا نوصي بتوجيه العلاج إلى الخلية السرطانية وهذه الخلايا الجذعية السرطانية، وهذا لا يحدث، ولذلك بعد أن يعلن شفاء مريض يهاجمه المرض مجدداً».
ومن الإنجازات الأخرى التي ارتبطت باسم البدري، تلك التي تتعلق بعلاج مرض السكري باستخدام الخلايا الجذعية، وتوصلت في أحدث أبحاثها إلى أن أفضل النتائج في علاج السكري يمكن أن تتحقق بالحصول على خلايا جذعية سليمة من النخاع العظمي وحقنها في الجسم، حيث تعمل على إصلاح الخلايا المريضة، فتتحسن قدرتها على الاستفادة من الأنسولين.
ومثل فضالي، وجدت البدري الدعم من أسرتها التي ساعدتها على اتخاذ قرار استكمال الدراسات العليا بجامعة جنوب فلوريدا بالولايات المتحدة الأميركية، ولكنها تشعر بالأسى والحزن على حال باحثات أخريات وقفت العادات الاجتماعية حجر عثرة في طريق تفوقهن ونبوغهن.
وتقول البدري: «للأسف أعرف شخصياً بعض الباحثات النابغات، رفضت أسرهن سفرهن لاستكمال دراستهن، وهذا قلل من فرصهن في التعليم الجيد، ومن ثم تحقيق الإنجاز».

نقلا عن الشرق الأوسط “حازم بدر”

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى