سلايدرمنوعات

أيمن عبداللطيف الكرفى يكتب: الكورة.. أخلاق ومليارات

قلم صدق..

في عامي 1987 و1988 ارتدي الأسطورة محمود الخطيب لاعب نادي الأهلي قميص الزمالك، الغريم التقليدي للأهلي علي مدار عمر اللعبة، ومعه الكابتن حسن شحاتة، في مناسبتين خلال ثمانينيات القرن الماضي، وبالتحديد، خلال مباراة جمعت بين قطبي الكرة المصرية، في إطار مبادرة بعنوان «في حب مصر»، لجمع أموال تسهم في مساعدة البلاد على حل أزمة الديون في ذلك الوقت.. كما فعلت أم كلثوم حينما جابت عواصم العالم تغنى من أجل إعادة هيكلة وتطوير الجيش المصري بعد هزيمة 67، والمرة الثانية كانت فى مهرجان اعتزاله اللعبة، وسط أجواء درامية كبيرة داخل وخارج أرض الملعب، سواء من اللاعبين أو الجماهير.

وكانت تلك اللقطة تؤكد ضرورة التحلي بالروح الرياضية، وعنوانًا علي التخلي عن التعصب، كما كانت «حتة» ذكاء وأخلاق تغني بها الوسط الرياضي كله إلى اليوم.. وهذان المثالان رسخا المثل الشهير «الرياضة أخلاق»، ويظهران: كيف تفيد الرياضة في التآخي والتقارب ونبذ العنف.. فكم تعرفتُ أنا علي أصدقاء كثيرين دامت صداقتهم إلي اليوم، بسبب لعبة كرة القدم، وكثرة تنقلنا لأماكن كثيرة للعب فرق أخري.
وأذكر محمود فرج صديق لى كنا نتبارى على اللعب معه أو ضمه لفريقنا لدماثة خلقه مع موهبته وتميزه باللعب الجماعى وعدم الدونية.. إنها متعة للنفس والترويح لها.. إذن تحتوي مادة ريض على ترويض البدن والنفس وتعين على الصبر، المثابرة، المشاركة، المحاكاة، المجاراة، والبناء الجسدى، لذا وجب علينا نبذ العنف السائد والتطرف الأعمي في التشجيع والانتماء، ومن أسف أن يصبح هذا هو السائد والمنتشر في نوادينا ومقاهينا وشوارعنا، بل داخل بيوتنا.
هذا الجانب المعنوي والبدنى والخُلقى من ممارسة الرياضة.. أما عن الجانب الاقتصادي، فمن المعروف أن كثيرًا من الدول بدأت تتجه إلى الرياضة، خاصة كرة القدم، بعد أن عرفت أهمية الرياضة كرافد من روافد اقتصاد الدول، وأطلقت عليها المصطلح المستحدث ألا وهو مصطلح «صناعة الرياضة»، وأخذت تتنافس على استضافة البطولات الرياضية عامة، وكرة القدم الأشهر خاصة.. وتبني وتهتم بالمنشآت الرياضية التي تؤلها للتنافس علي هذه الاستضافات.. كما بات اللاعب والملاعب إذا أُحسن إعدادها تعتبر ثروة قومية، جنباً إلى جنب مع الثروات الطبيعية للدولة، ‏كما في لاعبنا العالمي محمد صلاح الذي يفيد مصر تعريفًا، وقدوة، وسياحيًا، وتكافليًا وغيرها من العوائد على البلد والبنية الرياضية الجنوب افريقية.
وعن مجالات صناعة الرياضة نجد مجال اقتصادات الرياضة يطل علينا بكافة إحصاءاته الرقمية والمليارية نتيجة القيمة الاقتصادية للرياضة المباشرة، فتشير الإحصاءات العالمية نقلًا عن موقع Sport Value إلى أن الرياضة الاحترافية عالميًا تدر أكثر من 171 مليار دولار، بينما تجارة التجزئة الرياضية بلغت أكثر من 270 مليار دولار، كما بلغت إيرادات الأندية ومراكز الرياضة أكثر من 115 مليار دولار، والخدمات المرتبطة بالرياضة 200 مليار دولار، بإجمالى يصل إلى 765 مليار دولار، وتسهم بـ8.1 تريليون دولار سنويًا تاثيرًا اقتصاديًا عالميًا.
أما محليًا فيشير أحد مراكز الدراسات الاستراتيجية إلى أن صناعة الرياضة فى مصر تسهم بـ1.8% فى الناتج المحلى الإجمالى، وتمثل حصة الرياضة من إجمالى استثمارات مختلف القطاعات 2.7%. وأن 5126 منشأة رياضية رسمية فى مصر موزعة على 27 محافظة يعمل بها بشكل مباشر أكثر من 140 ألف مواطن مصري.. هذه الأرقام الفلكية غيرت مفهوم الرياضة حتى لدي الدول رقيقة الحال.. لما لا وقد تطلبت صناعة الرياضة ودورتها: لاعبًا يحتاج لملعب وملعب يحتاج لمبني، ومبني بكل مشتملاته من أدوادت رياضية وأدوات إنشائية، كل ذلك يحتاج لمصانع، والمصانع تحتاج لأيد عاملة.. ناهيك عن ترويج الرياضة للسياحة إلى.. إلى.. إلى آخر المنافع العائدة على الدولة نتاج نشاط الرياضة، لا بد من استغلال مؤسسات الدولة لداعم الاستثمارفي صناعة الرياضة، فأضحت صناعة الرياضة مفتاحًا استثماريًا تحتاج لأيد عاملة بالملايين، فلمشاهدة لاعب تتطلب ملايين المستفيدين رجعًا لدورة الصناعة التى ذكرتها آنفًا. إذن الرياضة فعلًا متعة وصحة واقتصاد فاعتبروا يا أولى الألباب.

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى