كتب : جمال المراغي
توجه لكل كاتب نصيحة أساسية عندما يبدأ مسيرته “اكتب عما تعرفه”، ويتبعها الكثيرون رغم أنهم يعتبرونها عبارة مبتذلة لأنها تصدف شيء من الحقيقة لكنها تمثل قيدًا يجعل كتاباتنا تنحصر في حارة ضيقة ولهث خلف تفسيرات خانقة لعالمنا، ثم يحاول البعض تنقيح هذه العبارة إلى “اكتب لتعرف”، وهو ما يأخذنا لعالم أكثر براح إذ نعرف ونفهم عندما ننتهي من الكتابة، ونمط ثالث عبَّر عنه تشيكوف بقوله “دور الفنان طرح الأسئلة وليس الإجابة عنها”، والمقصود الأسئلة التي لها إجابات، أما النمط الأصعب والأكثر تعقيدًا ويحتاج لموهبة خاصة فهو التفاعل مع أسئلة ليس لها إجابات ومواجهة عدم اليقين في حياتهم في محاولة منهم لتبديد شيء من غموضها.
اختار الكاتب البريطاني ذو الأصول الصينية “بيتر هو دافيز”، وهو خبير في القراءة ويهوى هذه النوعية، أفضل 10 كتب عن المجهول، وهي بدون ترتيب:
10:4 للأمريكي الشاب “بين ليرنر”:
كتبها على درب كلاسيكيات الأدب الإنجليزي، ويتفاعل فيها بطل الرواية مع عدد من أوجه عدم اليقين المتعلقة بحالته الصحية وأبوّته المنتظرة ومستقبله بشكل عام، وأضاف الكاتب شيء من الإيهام عندما منح اسمه لبطل الرواية.
الصديق للأمريكية “سيجريد نونير”:
الكاتبة لأم ألمانية وأب صيني بنمي، وتدور روايتها حول مجهول آخر يتعلق بانتحار صديق بطلها دون أسباب واضحة رغم معرفته الوثيقة بهذا الصديق، وأن الصداقة رغم شدتها لا تكفي لمعرفة من تحبهم يقينًا.
تمرين الثقة لـ “سوسن شيوي”:
الكاتبة كورية الأصل، وكتابها عن أوجه عدم اليقين والفجوات في وجهات النظر المتعلقة بالقصص التي يرويها الضحايا في سياق حركة “#MeToo”.
عندما كنا يتامى لـ ” كازو إيشيجورو”:
الكاتب إنجليزي من أصل ياباني وحصل على جائزة نوبل عام 2017، ويعيد في روايته تخيُّل شنجهاي في الثلاثينيات ويطرح رؤى عن أحداث غير يقينية تتعلق بوقائع غريبة ليس لها تفسير مثل ظهور أشخاص واختفاء آخرين في أماكن مختلفة.
تخيلات للأرجنتيني “خورخي لويس بورجيس”:
حاول الكاتب في هذه المجموعة القصصية أن يقتحم مناطق اللامعرفة دون دليل وقدم نموذجًا لسرد يبدو بلا معنى وغير مفهوم، ولكنه ينتهي بفكرة ربما تكشف بعض الغموض المتعلق بشيء أو شخص أو مكان وغيره من الأمور.
امبراطورية المساء للأمريكي “زكارى لازار”:
اعتدنا أن الجريمة تبدأ بغموض وتُبذَل محاولات لتبديدَه حتى تتكشف الأمور مع توالي الأحداث، ولكن الكاتب في هذا العمل يتناول جريمة تبدو واضحة ويذهب بنا إلى الغموض ومعه تبدو الحقائق أو ما نعتبرها كذلك محل شك من كثرة ما كشفه فيها من فجوات.
الكتابة لإنقاذ حياة للأمريكي “جون إدجار وايدمان”:
كتبه عميد أدب الأمريكيين الأفارقة، ويناقش فيه حالات إعدام الأشخاص دون وجود يقين بما اقترفوه، ويتعرض فيها لحياة وموت “لويس تيل” والد “إيميت تيل” ضحية جريمة الإعدام غير القانوني التي اقترفها الجيش الأمريكي إبان الحرب العالمية الثانية، حيث يبحث وايدمان في الفجوات التي تمتلئ بها صفحات سجلات المحاكمة العسكرية وحالات عدم اليقين القاتلة لحياة السود.
المؤامرة ضد أمريكا للأمريكي “فيليب روث”:
مؤلِفها من المرشحين الدائمين لجائزة نوبل حتى وفاته عام 2018، وهي تدور في إطار تخيلي استخدم فيه الكاتب نمط التاريخ البديل أو الواقعي المضاد عندما تخيل الولايات المتحدة الفاشية في ثلاثينيات القرن الماضي تحت حكم تشارلز ليندبرج ليسقط به على فترة حكم بوش، وما يمكن إسقاطه أيضًا على فترة حكم ترامب ومن هم على شاكلتهما.
حلقات زحل للألماني “و. ج. سيبالد”:
اعتبر النقاد مؤلِفه من أهم كتاب عصره حتى وفاته عام 2001، واستخدم في هذا العمل أسلوب الكتابة في دوائر بدون مركز ، في محاولة منه لتطبيق رؤيته في الكتابة الروائية وأنها لا تعترف باليقين، وأنها شكل من أشكال الخداع الذي يجد صعوبة بالغة في تجاوزه.
هاملت للإنجليزي “وليم شكسبير”:
تعد نموذجًا للدراما التي تدور حول عدم معرفتنا بأرواحنا يقينًا، وعبّر مؤلفها عن رؤيته هذه بوضوح في عبارة “أكون أو لا أكون” دليلًا على التناقض النفسي والوجداني، وهي العبارة التي تخفي مضامين متناقضة أخرى عن عدم اليقين مثل “تصدق أو لا تصدق” أو إن كان هاملت “تصرف أو لم يتصرف ” تجاه تنفيذ انتقامه الذي يدعم رهاناته الأخلاقية، ومعه تبدو معضلة هاملت والإنسان عامة بأنه لا يستطيع التيقن من صواب أو عدم صواب أفعاله.
