كتب: بيجاد سلامة
هو يوحنا مرقس بن أرسطوبولس الذي تردد اسمه كثيرًا في سفر الأعمال والرسائل، حمل إسمين: يوحنا وهو اسم عبري يعني “يهوه حنان”، ومرقص اسم روماني يعني “مطرقة”.
وُلد القديس مرقس في القيروان، من أبوين يهوديين من سبط لاوي، اسم والده أرسطوبولس، ووالدته مريم امرأة تقية لها اعتبارها بين المسيحيين الأولين في أورشليم.
هجمت بعض القبائل المتبربرة على أملاكهم فتركوا القيروان وذهبوا إلي فلسطين وسكنوا بأورشليم
بعد صعود السيد المسيح استصحبه بولس وبرنابا للبشارة بالإنجيل في أنطاكية وسلوكية وقبرص وسلاميس وبرجة بمفيلية حيث تركهما وعاد إلى أورشليم.. وبعد انتهاء المجمع الرسولي بأورشليم استصحبه برنابا معه إلى قبرص، وبعد نياحة برنابا، ذهب مارمرقس بأمر السيد المسيح إلى أفريقيا وبرقة والخمس المدن الغربية، ونادى في تلك الجهات بالإنجيل فآمن على يده الكثيرون.
ومن هناك ذهب إلى الإسكندرية سنة 61م، وعندما دخل المدينة انقطع حذاؤه وكان عند الباب إسكافي أسمه إنيانوس، فقدم له الحذاء وفيما هو قائم بتصليحه جرح المخراز إصبعه فصاح من الألم وقال باليونانية “اس ثيؤس” (يا الله الواحد) فقال له القديس مرقس: “هل تعرفون الله؟” فقال “لا، وإنما ندعو بإسمه ولا نعرفه”
فتفل علي التراب ووضع علي الجرح فشفي للحال، ثم أخذ يشرح له من بدء ما خلق الله السماء والأرض فمخالفة آدم ومجيء الطوفان إلى إرسال موسى وإخراج بني إسرائيل من مصر وإعطائهم الشريعة وسبي بابل ثم سرد له نبوات الأنبياء الشاهدة بمجيء المسيح فدعاه إلى بيته وأحضر له أولاده فوعظهم جميعًا وعمدهم باسم الآب والابن والروح القدس.
ولما كثر المؤمنون بإسم المسيح وسمع أهل المدينة بهذا الأمر جدوا في طلبه لقتله، فرسم أنيانوس أسقفا وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة ثم سافر إلى الخمس مدن الغربية وأقام هناك سنتين يبشر ويرسم أساقفة وقسوسًا وشمامسة.
وعاد إلى الإسكندرية فوجد المؤمنين قد أزدادوا وبنوا لهم كنيسة في الموضع المعروف ببوكوليا شرقي الإسكندرية علي شاطئ البحر وبينما وهو يحتفل بعيد الفصح يوم 29 برمودة سنة 68م.
وكان الوثنيون في اليوم نفسه يعيدون لألههم سرابيس، أنهم خرجوا من معبدهم إلى حيث القديس قبضوا عليه وطوقوا عنقه بحبل وكانوا يسحبونه وهم يصيحون “جروا الثور في دار البقر” فتناثر لحمه وتلطخت أرض المدينة من دمه المقدس وفي المساء أودعوه السجن فظهر له ملاك الرب وقال له: “افرح يا مرقس عبد الإله، هوذا اسمك قد كتب في سفر الحياة، وقد حُسِبت ضمن جماعة القديسين”. وتواري عنه الملاك ثم ظهر له السيد المسيح وأعطاه السلام فابتهجت نفسه وتهللت.
وفي اليوم التالي أخرجوه من السجن وأعادوا سحبه في المدينة حتى أسلم روحه الطاهرة ولما أضرموا النار لحرقه حدث زلازل ورعود وبروق وهطلت أمطار غزيرة فأرتاع الوثنيين وولوا مذعورين. وأخذ المؤمنون جسده المقدس إلى الكنيسة التي شيدوها وكفنوه وصلوا عليه وجعلوه في تابوت ووضعوه في مكان خفي من هذه الكنيسة.
فى سبتمبر 1419 دخل الفرنج الفينيسيين الإسكندرية وسرقوا رأس القديس مرقص وذهبوا بها إلي إيطاليا.
ويصف المقريزي ما حدث: سرق الفرنج البنادقة من الإسكندرية رأس مرقص الإنجيلى – أحد من كتبة الإنجيل- فغضب اليعاقبة من النصارى وأكبروا ذلك، وعدوه وهنا فى دينهم، وذلك أنهم لا يولون بطركً إلا ويمضى إلى الاسكندرية وتوضع هذه الرأس فى حجره ”
وبالفعل عادت جثته إلي مصر ودفنت في الكاتدرائية المرقصية التي أفتتحت عام 1968