قال فضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم إن الصوم فى مضامينه يراعى حالة التيسير التى يحتاج المكلف إليها بالفعل، موضحًا أن رخصة الإفطار للمسافر مرهونة بقطع المسافات وليس بالوسيلة المستخدمة.
وأضاف مفتى الجمهورية -فى تصريحات اليوم الأحد- أن الشرع الشريف قد أناط رخصة الفطر فى السفر بتحقق قطع مسافة قصر وجمع الصلاة وهى 85 كم، دون نظر إلى ما يصاحب السفر عادة من المشقة؛ فإذا وُجد السفر وُجِدَت الرخصة، وإذا انتفى انتفت، أمَّا المشقة فهى حكمة غير منضبطة؛ لأنها مختلفة باختلاف الناس، فلا يصلح إناطة الحكم بها، ولذلك لم يترتب هذا الحكم عليها ولم يرتبط بها وجودًا وعدمًا؛ قال تعالى ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة 185].
ونوه مفتى الجمهورية إلى أن الله سبحانه وتعالى بيَّن أن الصوم خير للمسافر وأفضل مع وجود المُرَخِّص فى الفطر بقوله تعالى ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة 184]، والصوم خير له من الفطر فى هذه الحالة وأكثر ثوابًا ما دام لا يَشُقُّ عليه؛ لأن الصوم فى غير رمضان لا يساوى الصوم فى رمضان ولا يُدانيه؛ وذلك لمن قدر عليه، فإذا ظن المسافر الضرر كُرِه له الصوم، وإن خاف الهلاك وجب الفطر.
وعن توقيت إفطار المسافر بالطائرة قال مفتى الجمهورية من المعلوم أن الإنسان كلما ارتفع عن سطح الأرض، تأخر غروب الشمس فى حقه، وهذا مشاهَد لمن يقطنون الأدوار العليا، وحينئذٍ فمقتضى القواعد الشرعية أنه لا إفطار حتى تغرب الشمس أمامهم فى المكان المرتفع وليس على توقيت نفس المكان على الأرض أو المياه وهذا أمر ينتبه له قادة الطائرات وينبهون المسافرين عليه.
وأردف مفتى الجمهورية قائلًا إذا بدأ المكلَّف الصيام فى مصر طبقًا لتحديد أول شهر رمضان فيها ثم سافر إلى بلدٍ آخر اختلف العيد فيه مع مصر، فالأصل أن يتبع أهل تلك البلد فى رؤية هلال شوال، إلا فى حالتين أن تخالف هذه الرؤية الحساب الفلكى القطعي، أو تجعل شهر رمضان يزيد عن ثلاثين أو يقل عن تسعة وعشرين يومًا، فإذا رُؤِى مثلًا هلالُ شوال فى مصر ولم يُرَ فى البلد الأخرى أو بالعكس مع كون الرؤيتين داخلتين فى نطاق الإمكان الفلكى ومع صحة عدد أيام الشهر، فإن الصائم يتبع حينئذٍ هلال البلد الذى هو فيها صيامًا أو إفطارًا، أمَّا إن كانت البلد التى سافر إليها لا تُبالى بالحساب القطعى بل خالفَتْه فى إمكان الرؤية أو استحالتها، أو كان الصائم بحيث لو تابعها لزاد على ثلاثين أو نقص عن تسعة وعشرين فلا يجوز له حينئذٍ متابعتها فى الإفطار أو الصوم الزائد أو الناقص قطعًا.
وعن حكم الصيام فى الأماكن التى تزيد فيها ساعات النهار عن 18 ساعة، قال مفتى الجمهورية الصوم فى هذه البلاد يكون على عدد ساعات مكة المكرمة؛ لأنها أمُّ القُرى، وعلى ذلك يبدأ المسلمون من أهل تلك البلاد بالصيام من وقت فجرهم المحلى ثم يتمون صومهم على عدد الساعات التى يصومها أهل مكة المكرمة فى ذلك اليوم والذى يمكن معرفته عن طريق المواقع الإلكترونية، فلو كان الفجر فى تلك البلاد مثلًا فى الساعة الثالثة صباحًا وكان أهل مكة يصومون خمس عشرة ساعة، فإن موعد الإفطار يكون فى الساعة الثامنة عشرة؛ أى السادسة بعد الظهر بتوقيت تلك البلاد.
وحول رخصة الفطر لمن يداوم على السفر نظرًا لطبيعة عمله كالسائقين والبحارة وقائدى الطائرات؟ قال يجوز الفطر لمن يسافر مسافة تزيد عن مسافة القصر، سواء بسبب سفره أو بسبب مهنته، بغض النظر عن الوسيلة، فالعبرة بقطع المسافات وليس الوسيلة المستخدمة.