كتب: بيجاد سلامة
ولدالبارون إدوارد لويس جوزيف إمبان ببلجيكا يوم 20 سبتمبر 1852، درس العلوم الهندسية في بلده وبعد تخرج بدأ عمله كرسام هندسي في شركة للتعدين، وفي عام 1878 بدأ العمل مع شقيقه الأكبر البارون “فرانسوا إمبان” وعدد أخر من أفراد أسرته وحققوا نجاحات كبيرة وثروات هائلة في مجال صناعة إنشاءات السكك الحديدية حينما لاحظ أن السكك الحديدية والمواصلات في الريف بشكل عام ليست على المستوى المطلوب في ذلك الوقت.
وبعد النجاح في بلجيكا في مد خطوط السكك حديدية قامت شركاته بتطوير خطوط سكك حديدية في فرنسا، وبالتحديد مترو باريس حيث حصل على لقب بارون لقاء عمله هذا في عام 1907.
وبسبب تلك المشروعات الكبرى شعر بأنه يعتمد أكثر من اللازم على البنوك والمصارف الخارجية لإتمام مشاريعه الصناعية فقام في عام 1880 بتأسيس مصرفه الخاص لتمويل مشاريعه، والذي أصبح فيما بعد “البنك الصناعي البلجيكي”.
البارون إمبان في مصر
تبدأ القصة عند وصوله إلي ميناء السويس قادمًا من الهند في يناير عام 1904، حيث سقط في غرامها ومن السويس إنتقل إلى القاهرة وكان الهدف من زيارته لمصر تقديم عرض إنشاء خط سكة حديدية يربط بين مدينتي المنصورة والمطرية بمديرية الدقهلية شرق الدلتا، وعلى الرغم من أن شركته لم تفز بعطاء تنفيذ هذا المشروع، وفازت به شركة إنجليزية إلا أنه أنه ظل في مصر ولم يرحل منها.
وقد كان طبيعيًا أن يبحث عن مقر إقامة دائم له، وكان أغرب ما في الأمر هو إختياره لمكان في الصحراء بالقرب من القاهرة، حيث عرض إمبان على الحكومة المصرية عام 1905 خلال فترة حكم الخديو عباس حلمي الثاني لمصر فكرة إنشاء ضاحية في الصحراء شرق القاهرة، وإختار لها إسم هليوبوليس، أي مدينة الشمس.
وفي عام 1906 أسس شركة “واحة هليبوبوليس”، لتنفيذ المشروع، فخصصت له الحكومة المصرية حينذاك مساحة 6000 فدان تقريبًا، لكي يقيم مشروعه عليها واشترى الفدان بجنيه واحد فقط، حيث أن المنطقة كانت تفتقر تمامًا إلى المرافق والمواصلات والخدمات.
وبدأ بالفعل مشروعه،وحتي يستطيع جذب الناس إلى ضاحيته الجديدة، وطبقًا لإتفاقه مع الحكومة المصرية قام بإنشاء مترو ظل يعمل حتى وقت قريب، وأخذ إسم المدينة مترو مصر الجديدة. إذ كلف المهندس البلجيكي “أندريه برشلو” بإنشاء خط مترو يربط الضاحية الجديدة بوسط القاهرة، وقد نفذ المشروع في عام 1910.
بعدها قام البارون إمبان بتشييد قصر لنفسه في مصر الجديدة، ليكزن مقر إقامته الدائم، ويعد هذا القصر تحفة فنية بديعة ويعد من أهم معالم مصر الجديدة، وهو يقع علي شارع العروبة، ويشرف القصر أيضًا على شارع ابن بطوطة وشارع ابن جبير وشارع حسن صادق.
وقد صمم هذا القصر بحيث لا تغيب عنه الشمس، وبحيث تدخل الشمس جميع حجراته وردهاته، وهو من أفخم القصور الموجودة في مصر على الإطلاق، ويقع القصر على مساحة 12.5 ألف متر، و حول القصر حديقة غناء شاسعة وارفة الأشجار بها زهور ونباتات نادرة، كما يوجد بالقصر نفق يصل بين القصر والكنيسة العريقة المعروفة بإسم “كنيسة البازيليك” والموجودة حتى الآن، والتي دفن فيها يوم 22 يوليو 1929.