كتب – محمود أنور
تصدر قريبا عن دار الشروق في معرض القاهرة للكتاب 2021 المجموعة القصصية الجديدة “رق الحبيب” للكاتب الكبير محمد المخزنجى.
من أجواء المجموعة:
“طلع عليَّ النهار / سهران فى نور الأمل
وغنت الأطيار / لحن الهوى والغزل
وفضلت أفكَّر فى ميعادى / واحسب لقربه ألف حساب
وكان كلامى مع صحابى / عن المحبة والأحباب”.
في ذلك الوقت الظليل الناعم بين العصر والغروب كان “قصب” يغنى بين أشجار المانجو العتيقة فى حديقة “المصحة” الداخلية. إنه وقت إدخال الألفي مريض إلى عنابرهم بين أسوار “قسم الرجال” ليتناولوا جرعة المساء من أدويتهم المهدئة والمنومة، ويهجعوا في مراقدهم مع حلول المساء ثم يبتلعهم النوم حتى مطلع الصباح. الشيء نفسه يحدث مع الألف مريضة ومائة وخمسين طفلا داخل أسوار “قسم الحريم”. ولا يبقى طليقا خارج أسوار العنابر غير بضعة مرضى من الذين أمضوا سنوات طويلة نزلاء المكان، تم تصنيفهم “هادئين ومستقرة حالاتهم ولا يمثلون خطورة على أنفسهم ولا على الغير”، فتُركوا ليهيموا بسلام خارج العنابر وخارج أسوار الأقسام حتى أول المساء، ومن تلقاء أنفسهم يعودون إلى عنابرهم مع تحول الزُرقة إلى دُكْنة تلمع فيها نجمة أو نجمتان، يتناولون من ممرضى الليل جرعة آخر النهار، ويخلدون للنوم فى دعة.
هم أيقونات الألفة والبؤس فى هذه المصحة القديمة المترامية. لعل أشهرهم “قصب رق الحبيب”، تبعا للاسم الذى يشتهر به في المصحة، فهو مطرب وموسيقار المصحة الذي لايعزف على أية آلة بعد أن حطم آلته فى هياج فاصل أوصله إلى المكان منذ عشرين سنة، ومنذ عشرين سنة وهو لايشدو إلا بأغنية وحيدة لايغيرها وإن كان يلونها بألف لون ولون، وكل لون صار بشيرا أو نذيرا، لم يفشل أبدا فى التنبؤ بالقادم أو الموشك على الحدوث، سواء كان أحداثا عامة أو خاصة، أو حتى تقلبات في المناخ. وكان المقطع الذى يشدو به من أغنيته الوحيدة فى ذلك الأصيل بحديقة المصحة العتيقة واضح التفاؤل، ومليئا بالوعد، ليس بمحتوى كلماته فقط بل أيضا بطريقة غنائه هذه الكلمات.
وتنطلق فعاليات الدورة الـ52 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب خلال الفترة من 30 يونيو حتى 15 يوليو 2021، تحت شعار «في القراءة حياة» بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس.