كتب: بيجاد سلامة
ولد في القرن الثاني بالإسكندرية، نشأ ديمتريوس بين الحقول يعتني بالكروم التي كانت لأبيه ثم آلت إليه، ولما بلغ سن الزواج أراد أبواه أن يزوجاه، فخضع لإرادتهما في الظاهر إذ لم يشأ أن يعارضهما، ولكنه تعهد مع زوجته، وهي ابنة عمه على أن يحفظ كل منهما بتوليته، فوافقته زوجته على هذا العهد، إذ كانت بدورها قد نذرت البتولية.
ولما اقتربت نياحة القديس يوليانوس البابا الـ”11″، ظهر له ملاك الرب في رؤيا وأعلمه عن هذا القديس وأنه هو الذي سيصير بطريركًا بعده، وأعطاه علامة بقوله له: “إن الذي سيأتيك بعنقود عنب سيخلفك”.
وحدث في الغد أن وجد القديس ديمتريوس عنقودًا من العنب في غير أوانه، فحمله إلى القديس يوليانوس بقصد نيل بركته فأمسكه الأب البطريرك من يده وقال للحاضرين: “هذا بطريرككم من بعدي”، وقص على من كان عنده من الأساقفة والكهنة الرؤيا التي رآها.
فلما أنتقل البابا أتفقت كلمة الإكليروس والشعب على إنتخاب ديمتريوس راعيًا لهم عملًا بوصية باباهم الراحل، وهكذا أصبح ديمتريوس الخليفة الـ”12” للقديس مرقس بالرغم من طلبه إعفاء هؤلاء من هذه المسئولية واحتجاجه بعدم علمه وبزواجه.
احتجّ بعض الشعب على رسامته بحجة أنه رجل متزوج. ومع أن الرهبنة لم تكن قد قامت بعد، إلا أن فريق من الشعب رأى وجوب حصر الكرسي المرقسي في المتبتلين، ولم يبرر الأنبا ديمتريوس نفسه أمام هذه المجموعة من الناس إذ اعتقد بأن عهده مع زوجته سرّ يجب الإحتفاظ به، وظل على كتمانه إلى أن ظهر له ملاك الرب في حلم ذات ليلة وأعلمه بوجوب إعلان حقيقة أمره جهارًا حتى تهدأ القلوب المضطربة.
وفي اليوم التالي طلب الأنبا ديمتريوس من الشعب عدم الخروج من الكنيسة بعد إنتهاء الصلاة، ثم أخذ جمرًا ووضعه في إزار زوجته وفي بلينه وطاف الإثنان الكنيسة ولم تحترق ثيابهما. فتعجب الشعب من هذه المعجزة، ثم عرّفهم بعهده مع زوجته وأن كلا منهما بتول بالرغم أنهما زوجان أمام أعين الناس، فزال من الشعب الشك وهدأت قلوب المتذمرين وتيقنوا طهارة هذا الأب وبتوليته.
أنقضت السنوات الأولى من باباويته في هدوءٍ وسلامٍ، إلا أن عدو الخير أثار الإمبراطور الروماني سبتيميوس ساويرس ضد مسيحي مصر، ومن ثم أعلن هذا الإمبراطور اضطهاده لهم. وفي هذا الاضطهاد استشهد عدد كبير من، كذلك اقتحم والي الإسكندرية كنيسة القديس مرقس وسلب كل ما فيها من آنية، ثم قبض على الأنبا ديمتريوس ونفاه إلى أوسيم حيث بقي إلى أن انتهى زمن الاضطهاد.
نياحته
لم يفتر أيام رئاسته عن تعليم وتثبيت المؤمنين في الإيمان الصحيح، ولما كبر وضعف كان يُحمل على محَفّة إلى الكنيسة ليُعلم الشعب.
وبلغ من العمر “105” سنة، منها حوالي 32 سنة في الرئاسة، ثم تنيح بسلام ودفن في المرقسية بالإسكندرية