
القاهرة – النيل24
كلمة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، أمام رؤساء تحرير الصحف ورؤساء الهيئات الإعلامية، جاءت لتؤكد على استقلالية القرار الاقتصادي المصري، في وقت يتجدد فيه الجدل حول دور صندوق النقد الدولي في متابعة برامج الإصلاح بالمنطقة.
مدبولي شدد على أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الحالي لم يُفرض من الخارج، بل صُمم بقرار وطني وحددت مستهدفاته الحكومة المصرية بإرادتها. وهنا يبرز البعد السياسي في الرسالة؛ فالحكومة تحاول توصيل أن السياسات الاقتصادية ليست نتاج ضغوط دولية بقدر ما هي انعكاس لرؤية داخلية تهدف إلى تحقيق الاستقرار والنمو.
من الناحية الاقتصادية، أشار رئيس الوزراء إلى أن بعض الإجراءات مثل الطروحات وبيع الأصول لم يكن من الملائم تنفيذها في فترات سابقة نظرًا لظروف محلية وعالمية متشابكة. هذه الإشارة تحمل بعدًا استراتيجيًا، إذ تسعى الدولة إلى تعظيم الاستفادة من أصولها في إطار “وثيقة سياسة ملكية الدولة”، بما يعني أن بيع الأصول ليس غاية بحد ذاته بل أداة لإعادة هيكلة الاقتصاد وتعزيز الاستثمار.
أما على صعيد العلاقة مع صندوق النقد، فقد أوضح مدبولي أن الصندوق قد يعتبر بعض المستهدفات غير متحققة نتيجة التأجيل، لكن في النهاية تبقى الأهداف وطنية وليست إملاءات خارجية. هذا التصريح يعكس حرص الحكومة على طمأنة الرأي العام بأن المصلحة القومية فوق كل التزامات، وأن مصر لن تقدم على أي خطوة تمس استقرارها الاجتماعي أو تضر بمصالحها الاستراتيجية.
سياسيًا، أراد مدبولي أن يبعث برسالة مزدوجة: الأولى إلى الداخل للتأكيد أن لا وصاية على القرار المصري، والثانية إلى الخارج للتذكير بأن الحكومة تدير الإصلاح وفقًا لأولوياتها، وليس وفقًا لجدول زمني جامد قد يتجاهل تعقيدات الاقتصاد العالمي والتوترات الجيوسياسية.
القراءة التحليلية لهذا الخطاب تشير إلى أن الحكومة المصرية تحاول صياغة معادلة توازن دقيقة: الحفاظ على التزاماتها أمام المؤسسات المالية الدولية من جهة، وضمان ألا تتحول هذه الالتزامات إلى عبء سياسي واقتصادي داخلي من جهة أخرى.