اسمه محمد صديق المنشاوي، ولد في 20 يناير 1920، بمركز المنشأة بسوهاج، أتم حفظ القرآن وعمره “8” سنوات.للشيخ المنشاوي بصمة خاصة في التلاوة يتميز بصوت خاشع ذي مسحة من الحزن فلُقِّب بـ”الصوت الباكي”.
بدأت رحلته مع التلاوة بتجواله مع أبيه وعمه بين السهرات المختلفة حتى سنحت الفرصة له كي يقرأ منفردًا في ليلة من عام 1952م بمحافظة سوهاج، ومن هنا صار اسمه مترددًا في الأنحاء.
كان صيته وشهرته وحسن قراءته وتلاوته حديث الناس في مصر ولما علم المسؤلون بالإذاعة بتلك الموهبة أرسلوا إليه يطلبون منه أن يتقدم بطلب للإذاعة ليعقد له اختبار فإن اجتازه يعتمد مقرئاً بها فرفض الشيخ هذا المطلب وقال: لا أريد القراءة بالإذاعة فلست في حاجة إلى شهرتها ولا أقبل أن يعقد لي هذا الامتحان أبداً.
فما كان من مدير الإذاعة إلا أن أمر بأن تنتقل الإذاعة إلى حيث يقرأ الشيخ المنشاوي وبالفعل فوجئ الشيخ وكان يحي حفلاً رمضانياً في قرية إسنا بأن الإذاعة أرسلت مندوبها لتسجل قراءته وتلاوته، فكانت تلك أول حادثة في تاريخ الإذاعة أن تنتقل بمعداتها والعاملين بها ومهندسيها للتسجيل لأحد المقرئين.
عندما قيم المسؤلون بالإذاعة الشريط أرسلوا إليه لإعتماده إلا أنه رفض مرة ثانية، مما أثار غضب المسؤلين بالإذاعة وكادت أن تصبح مشكلة كبيرة إلا أن أحد المقربين من الشيخ وكان ضابطاً كبيراً برتبة لواء تدخل في الأمر موضحًا للشيخ محمد أن هذا الرفض ليس له أي مبرر ولا يليق به خاصة وأن الإذاعة قد أرسلت إليه مهندسيها وفنييها لتسجل له بعد رفضه، وطالما أن المسؤلين قد أعطوه قدره وأنصفوه فليس هناك أي مبرر للرفض ولا بد أن يحسن معاملة المسؤلين كما أحسنوا معاملته.
وبعد إلحاح شديد ذهب الشيخ المنشاوي للإذاعة واستكمل تسجيلاته وظل قارئًا بالإذاعة منذ ذلك إلى أن توفاه الله.
موقفه مع عبدالناصر
لم تكن له علاقة بالرئيس جمال عبدالناصر وووجهت إليه دعوة من أحد الوزراء قائلاً له: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفل يحضره الرئيس عبدالناصر فرد عليه الشيخ: ولماذا لا يكون هذا الشرف لعبدالناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي ورفض أن يلبي الدعوة قائلاً: لقد أخطأ عبدالناصر حين أرسل إلي أسوأ رسله.
محاولة قتله بالسم
حكى الشيخ بنفسه أنه كان مدعوًا في إحدى السهرات عام 1963م وبعد الانتهاء من السهرة دعاه صاحبها لتناول الطعام مع أهل بيته على سبيل البركة ولكنه رفض فأرسل الرجل إليه بعضًا من أهله يلحون عليه فوافق وقبل أن يبدأ أقترب منه الطباخ وهو يرتجف من شدة الخوف وهمس في أذنه قائلاً: يا شيخ محمد سأطلعك على أمر خطير وأرجو ألا تفضح أمري فينقطع عيشي في هذا البيت فسأله عما به.
فقال: أوصاني أحد الأشخاص بأن أضع لك السم في طعامك فوضعته في طبق سيقدم إليك بعد قليل فلا تقترب من هذا الطبق أو تأكل منه، وقد استيقظ ضميري وجئت لأحذرك لأني لا أستطيع عدم تقديمه إليك فأصحاب السهرة أوصوني بتقديمه إليك خصيصًا تكريماً لك، وهم لا يعلمون ما فيه ولكن فلان أعطاني مبلغًا من المال لأدس لك السم في هذا الطبق دون علم أصحاب السهرة ففعلت فأرجو ألا تبوح بذلك فينفضح أمري.
ولما تم وضع الطبق المنقوع في السم عرفه الشيخ كما وصفه له الطباخ وادعى الشيخ بعض الإعياء أمامهم ولكنهم أقسموا عليه فأخذ كسرة خبز كانت أمامه قائلاً: هذا يبر يمينكم ثم تركهم وانصرف.
وفي عام 1966 أصيب بدوالي المريء ورغم مرضه ظل يقرأ القرآن حتى رحل عن الدنيا في يوم الجمعة 5 ربيع الثاني 1389هـ، الموافق 20 يونيو 1969م.