رياضةسلايدر

الاسكواش.. هيمنة مصرية وحرمان مستمر من جنة الأولمبياد

كتب – محمود أنور

تنطلق اليوم الجمعة بالعاصمة اليابانية دورة الألعاب الأولمبية “طوكيو 2020” أشهر وأكبر محفل رياضي على وجه الأرض، والتي تم تأجيلها العام الماضي بسبب جائحة كورونا، رغم ما يشوب إقامتها كذلك من قلق لتسلل الفيروس إلى مقر البعثات الدولية المشاركة شيئا فشيئا.

 

سؤال جديد قديم
مع كل دورة جديدة يعود التساؤل الشهير: لماذا لا يتم إدراج الاسكواش كلعبة أولمبية؟ خصوصا أن لعبات من نفس فصيلتها “المضرب والكرة” مدرجة أولمبيا كالتنس، وتنس الطاولة مع اختلاف قواعد كل منها بالطبع. وهو تساؤل نراه يزداد لدينا هنا في مصر على وجه الخصوص نظرا للتفوق الكاسح للاعبي الاسكواش المصري في السنوات الأخيرة وسيطرتهم على كل البطولات العالمية واحتلالهم مراكز التصنيف العالمي الأولى في اللعبة للرجال والسيدات، وآخرها فجر اليوم، حيث توج اللاعب علي فرج “للمرة الثانية” واللاعبة نور الشربيني “للمرة الخامسة” ببطولة العالم في الاسكواش التي أقيمت في شيكاغو في الفترة من 14 إلى 23 يوليو الجاري على حساب مواطنيهما محمد الشوربجي ونوران جوهر، ليواصلا اعتلاء صدارة التصنيف العالمي.

نور الشربيني وعلى فرج أبطال العالم في الاسكواش

برادة والبداية
في التسعينيات بدأت أصداء اللعبة تتسلل إلى مسامعنا وصرنا نشاهد لقطات لها بأجهزة تلفزيون صغيرة بائسة، وعززها الأقوال التي انتشرت حول أنها الرياضة المفضلة للرئيس الأسبق مبارك وبالتالي بدأت تلقى اهتماما كبيرا، وكان اللاعب الأكثر شعبية في مصر آنذاك أحمد برادة، نجح برادة في الوصول للمركز الثاني في التصنيف العالمي. وكان قبلها قد فاز ببطولة العالم للناشئين فردي عام 1994، قبل أن يعتزل ويتحول للغناء والتمثيل عقب حادثة طعن تعرض لها.
قبل ذلك وفي النصف الأول من القرن العشرين توج عبد الفتاح باشا عمرو سفير مصر في لندن أكثر من مرة ببطولة إنجلترا، أعقبه محمود عبد الكريم.

أحمد برادة

هيمنة مصرية
اليوم بات لدينا قائمة طويلة من لاعبين مصريين سيطروا وهيمنوا تماما على اللعبة وبطولاتها العالمية وجوائزها وتصنيفاتها منذ سنوات، وبات بعضهم يقارن مع أساطير اللعبة الباكستانيين جاهانجير خان، وجانشير خان – وكان أول لقب لمصر في بطولة العالم فردي رجال من نصيب عمرو شبانة عام 2003 – من هؤلاء اللاعبين من اعتزل ومنهم ما زال يكتب تاريخا يتحدى به من جاء قبله ومن يأتي بعده سواء في فئة الرجال أو السيدات، فردي ومنتخبات، كبار وناشئين، لعل أشهرهم: عمرو شبانة، رامي عاشور، محمد الشوربجي، علي فرج، كريم درويش، كريم عبد الجواد، ومن السيدات: نور الشربيني، رنيم الوليلي، نور الطيب، نوران جوهر؛ الأمر الذي يعني ميداليات شبه مضمونة لمصر في حال الموافقة على إدراج اللعبة في الأولمبياد، وسيزيد بلا شك من حصيلتها الإجمالية في الميداليات عبر مشاركاتها التاريخية التي تحتل صدارتها عربيا، وستكون علامة مميزة لها مثل دول كثيرة تتميز بلعبات معينة.

مدرسة خاصة
تنظم مصر بطولتين دوليتين ضمن جدول جولات الاتحاد الدولي لمحترفي الاسكواش هما بطولة الإسكندرية الدولية، وبطولة الجونة الدولية. ويحظى الاسكواش المصري بتقدير عالمي لا يخلو من الاستغراب من قدرة المصريين على اعتلاء صدارة اللعبة رغم قلة عدد اللاعبين الممارسين لها مقارنة بعدد لاعبي دول أخرى، كما أن الأجيال الصاعدة تضمن لمصر استمرار الهيمنة لسنوات أخرى، باختصار أصبحنا أصحاب مدرسة خاصة تقود اللعبة عالميا.

أصحاب العقول
نصل إلى السؤال الأهم.. لماذا إذن لم تدرج لعبة الاسكواش كلعبة أولمبية حتى كتابة هذه السطور، رغم شهرتها ووجود اتحاد دولي رسمي لها وبطولات وتصنيف؟
تعددت التفسيرات في هذا الأمر، حول اللعبة التي ظهرت منذ أكثر من مائة عام وتم تطويرها لتلحق بركب الحدث الأهم عالميا، ولكن مع كل طلب لإدراجها يقابل بالرفض! علما بأنه في الدورة الحالية وافقت اللجنة الأولمبية الدولية على إضافة خمس رياضات للألعاب هي الكاراتيه، وركوب الأمواج، وتسلق الجبال، والتزلج على الألواح، ومزج بين رياضتي البيسبول والسوفتبول، وخرج الاسكواش مبكرا من السباق!

من بين هذا التفسيرات عدم مطابقة اللعبة لقواعد الأولمبياد ومنها ضرورة انتشار اللعبة في أكثر من ٧٠ دولة لفئة الرجال، وانتشارها في ٤٠ دولة لفئة النساء، فيما لا يقل عن عدد ٤ قارات، كما تواجه اللعبة اتهامات بأنها لعبة عقلية قائمة على العقل في المقام الأول في ممارستها كالشطرنج، وهي تخالف بذلك فلسفة الألعاب الأولمبية القائمة على التفوق البدني والجسماني للاعب، ومن الاتهامات كذلك عدم شعبيتها بالشكل الكافي وعدم معرفة الغالبية بقوانينها ونظام ممارستها وصعوبتها.

كما نرى كلها تفسيرات واهية، فاللعبة أصبحت تمارس بشكل كبير في كثير من دول العالم، كما أنه ما من لعبة إلا وتعتمد على العقل، أما عن الشعبية فالدول الكبرى كفيلة بهذا الأمر كما فعلت في لعبات كثيرة عبر التاريخ، ولكن يبدو الأمر – كما ذهبت تفسيرات أكثر واقعية – أن عدم التمكن الكبير لدول كبرى من اللعبة وما ستقدمه على الصعيدين الفني والمادي هو ما يؤخر إدراجها حتى الآن في الأولمبياد.

ويبقى السؤال: متى يتم إدراج الاسكواش في الأولمبياد؟ هل يتم هذا في عصر الهيمنة المصرية على اللعبة؟ أم سننتظر حتى يتحقق قول صديقي المقرب: اطمئن.. سيتم إدراجها، وحين يحدث ذلك لن نحصل على ميداليات!

 

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى