أيمن عبداللطيف الكرفى يكتب: سيادة الوزير.. شكر الله سعيك وغفر الله ذنبك
قلم صدق..
اختلفت معى أو اتفقت، فمصر ظمئت التجديد طويلًا فى المنظومة التعليمية، ثم ارتوت بمنظومة تعليمية جديدة كانت فى أشد الاحتياج إليها، بعد تدهور الكيان التعليمى البائد، وانهيار مفرداته ومكوناته، من: (بناية، ومناهج، ومدرسين، وعقول طلبة).
وحسنًا فعلت الثورة الحديثة من نسفٍ لهذه المنظومة البالية، إلا أن هذا الارتواء كان للأسف بماء البحر، ولم يكن بالشكل الذى ينقذ روح التعليم فى مصر، بل أدى إلى جفاف العقول التى تبنى دولة هى أشد الاحتياج إليها، فكم من طلبة كانوا ضحايا وشهداء لهذا التطوير.
وللحق أن كسب الحرب لا بد له من شهداء، إلا أن القائد الماهر هو من يكسب المعركة بأقل شهداء وأكثر غنائم، وبقراءة تسع سنوات «وزارة» للدكتور طارق شوقى وزير التعليم السابق (أحد المجددين التاريخيين للتعليم فى مصر شئت أم أبيت!) وتقييمها ووضعها فى ميزان العدل الموضوعى أراها حافلة بميزات وعيوب، وفى إحصائهما ربما أخطأت فى وجهة نظرى، وأرى أنى أصبت، ولكنها سلبيات وإيجابيات لا بد أن تحصى له أو عليه، فهى فترة خليقة بأن توصف بأنها فارقة فى العصر الحديث، لا سيما وقد شهدت نسفًا لمنظومة تعليمية تعدت الخمسين عامًا أو يزيد، واستبدلت بمنظومة مغايرة تمامًا.
وحتى لا أطيل، فإيجابيات المنظومة الجديدة، أولًا أنها جديدة، نشكره لكل إيجابية له، ونأسف لكل سلبية عليه.
فشكر الله سعيك سيادة الوزير فى مجمل قراراتك لتطوير المنظومة.. وغفر الله لك فى عشوائية تنفيذها.
شكر الله سعيك فى تحمل عبء تنفيذ فكرة التطوير وهذا التغيير الكبير كل هذه الفترة.. وغفر الله لك عدم كونك سياسيًا، فأرهقت أولياء الأمور بانفعالاتك، ومفاجآت قراراتك غير المحسوبة أو الممهد لها مسبقًا.
شكر الله سعيك فى فكرة استخدام «التابلت» محاكاة لدول متقدمة وتكنولوجيا متطلبة.. وغفر الله لك فى تطبيقه خطأً بداية من الثانوية، واختصار حياة الطالب فى «التابلت».
شكر الله سعيك فى توفير «التابلت» مجانًا.. وغفر الله لك عدم وجود بنية تحتية قوية تكفى لتغطية الامتحانات فى وقت تتحقق فيه فرصة عادلة ومتساوية لكل الطلاب.
شكر الله سعيك فى إلغاء الامتحانات حتى الصف الثالث الابتدائى وبدئها من الصف الرابع الابتدائى، اعتمادًا على منهج قوامه الفهم والإبداع للطفل.. وغفر الله لك فى خروج طفل حتى الصف الثالث الابتدائى ضعيف الأبجدية، وتفريغ المدارس من تلاميذ هذه السنوات، لعدم التزامهم بالحضور وحظر شرح الدروس بالفصل.
شكر الله سعيك فى إنشاء منصات إلكترونية برسوم رمزية تقضى على الاحتياج ومافيا الدروس الخصوصية.. وغفر الله لك فى عدم التمهيد لها فيقتنع بها الطالب جنبًا إلى جنب مع ولى أمره، حتى استفحلت ظاهرة الدروس الخصوصية أكثر وأكثر، وهى التى عانت منها الأسرة المصرية طويلًا، بعد أن أصبحت وما زالت إلى اليوم تتآكل بسببها معظم بيوت الطبقة المتوسطة ودونها، وكانت سببًا فى ضغط مادى، تبعه ضغط نفسى أدى إلى شقاء وشقاق، بل إلى هدم وانفصال، لأسر كانت الدروس الخصوصية عاملًا أوليًا فيها.
فلا عجب، فقد أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وهو جهة رسمية، أن ما تنفقه الأسر المصرية على التعليم يبلغ نحو 47 مليار جنيه، بنسبة تمثل 37.7% من إجمالى ما ينفقه رب الأسرة من دخله، أى أكثر من ثلث دخل الأسرة.. فماذا يتبقى له لدفع فواتير الخدمات الأساسية (كهرباء، مياه، غاز، تليفونات، نت، نظافة)، مأكل، ملبس، مسكن، صحة، مواصلات، وغيرها؟
.. وللحديث بقية