منوعات

أيمن عبداللطيف الكرفى يكتب: أمريكا بين فكى روسيا والصين

قلم صدق..

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1947، أخذت الحرب الباردة تدور رحاها أربعة عقود من النزاع على سيطرة العالم بطريقة اللاسلم واللاحرب، بين كل من أمريكا والاتحاد السوفيتي والصين، إلى أن أعلنت أمريكا انتهاء هذه الحرب واعتبار نفسها القطب الأوحد فى العالم وتفرُّد الأمة الأمريكية بالساحة العالمية، وذلك عقب تفكك الاتحاد السوفيتى في ١٩٩٠، ليصبح روسيا الاتحادية.

وتشعر أمريكا بضعف الاتحاد وركون الصين بعيدا عن الصراع، وهذا ما أكده باراك أوباما، الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية صراحة، بعد مرور أكثر من عشرين سنة من هذا التفكك، ناسيًا غير متناس أن جُرح الدب الروسي لا يلتئم بهذه السهولة، وأنه فى نفس روسيا من أمريكا شىء، لما لا وهى سببٌ فى تفككه بشكل مباشر أو غير مباشر، هذا من ناحية.
من ناحية أخرى هناك المارد الصيني الذي يكمن فى مصباحه ليعيد شحنه فيخرج بكل طاقته والذى غفّل أمريكا وتركها تموج فى الهيمنة العسكرية تتغطرس فى العالم وتعيث فيه فسادا، وتستنفد طاقتها ومواردها، فانشغلت فى بسط يدها على العالم بإنشاء القواعد العسكرية فى أغلب دوله، تاركة الساحة العالمية الاقتصادية للصين مما جعلها مسيطرة على الاقتصاد العالمي، رافعة يدها عن التدخل العسكري في أي حروب منذء الحرب العالمية الثانية، خاصة خارج حدودها، محافظة على علاقتها مع معظم الدول خاصة أفريقيا وآسيا وقطاعا من أوروبا، معتبرة الاقتصاد أداة للسيطرة على العالم، وقد كان فقد نجحت فى مبتغاها.. وهذا ما استيقظت عليه أمريكا فى غفلة من الزمن من تفوق اقتصادى فاق اقتصادها، جعلها تعيد حساباتها وترتب أوراقها من جديد حتى ولو على حساب كرامتها، كما حصل فى انسحابها من أفغانستان بطريقة عجب لها العالم وقبلها العراق، وتصريح بايدن أخيرا بأن أمريكا لن تدخل فى حرب عسكرية فاستخدمت سلاح العقوبات والضغط ضد روسيا.
وما كان من هذه القوى العالمية بعد ضرب أمريكا في 11 سبتمبر وكسر هيبتها وحدوث شرخ لها، إلا أن تقتنص الفرصة لتأسيس عالم جديد يخدم مصالحها ويرعى طموحاتها الإقليمية والدولية، فاتخذت كل قوة منهجًا وإستراتيجية مختلفة عن الأخرى لتناول هذا التغيير، فنرى الصين تعمل في صمت، وتلجأ في المرحلة الحالية إلى إستراتيجية الصعود السلمى والبطىء، وتصب اهتمامها على الاقتصاد والتفوق التكنولوجي، لضرب الغطرسة الأمريكية، في حين استخدم القضب الروسي- المجروح والمترصد- أمن الطاقة كإستراتيجية له للتأثير وفرض نفوذه سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا علي معظم دول العالم، باعتبارها أداة للقوة وسلاحًا غير تقليدى، وهي استراتيجية مغايرة للأولي.
وما بين الاستراتيجية الأولى والثانية وغيرهما، وما يفعله بوتين الروسي بقوة وثقة.. وبعد حوار ال(139) دقيقة اليومين الماضيين بين شي جين بينغ الرئيس الصينى وبايدن الأمريكي يظهر لنا اليوم وعلى الساحة الدولية جهد هذه القوى من شطب وإزاحة أمريكا كقطب أوحد فى العالم وإعلانها تعددية القطبية بعد تمكينها من ناحية ونبذ معظم دول العالم لعدو اللدود أمريكا من ناحية أخرى.
أخيرا وليس ٱخرا أيهما أفضل للعالم القضب الأوحد مجرداً وبعيداً عن الغطرسة أم تعددية القطبية.

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى