ثقافةسلايدر

مهرجان القاهرة السينمائي (4-11)

كتب – جمال المراغى

وصولًا إلى المؤتمر السنوي الذي يسبق الفعاليات بنحو ثلاثة أسابيع، والذي احتضن عدة قصص لكل منها فكر ورؤية، فهناك قصة «البوستر» فعلى غرار إيزيس الأسطورة التي جمعت أشلاء زوجها بعدما قسم ست الشرير لـ 42 جزءًا بعدد من أقاليم مصر وقتها، قامت إيزيس المهرجان بتكوين هرمها من 42 هرم صغيرًا تطفو على سطح نهر النيل وهو يجسد ما بُذل من جهد مضني حتى تخرج الدورة الثانية والأربعون للنور، ولأول مرة منذ سنوات يجمع بوستر المهرجان بين اللمسة الجمالية والرؤية الفكرية.

ثم لاحقتنا موجات سريعة من الإيذاء البشري الشديد المصحوب بالصخب ولطخات الدماء الحمراء المفزعة، تلتها بإيقاع أقل كثيرًا لمسات من العطف وأحضان دافئة ووجوه بدت ملامحها واضحة تعلوها الرقة والطيبة، ليمنحنا الإعلان التشويقي لأفلام المهرجان رؤية عامة لما سنخوضه خلال أيامه، إذ ترصد هذه الأفلام صراعًا مجتمعيًا عالميًا بين عنف يتزايد وحب يحاول أن يواجهه ويتغلب عليه، أو يحد منه على الأقل.

أصبحت الإجادة في اختيار فيلم مميز لافتتاح المهرجان شغفًا عند إدارته، فقبل عامين وقع اختيارها على فيلم «الكتاب الأخضر» في عرضه الأول خارج أوروبا والولايات المتحدة للمخرج «بيتر فاريلي»، والذي رُشح لـ 102 جائزة ونال 43 منها 3 أوسكار في مقدمتها جائزة أفضل فيلم، وفي العام الماضي احتفوا مع جمهورهم برائعة المخضرم «مارتن سكورسيزي»، أهم مخرج سينمائي على قيد الحياة، فيلم «الإيرلندي» والذي يشارك بالتمثيل فيه ثلاثة من أكبر نجوم السينما العالمية والحاصلون على الأوسكار من قبل، ملك الصنعة «آل باتشينو»، الموهبة الحية «روبرت دي نيرو» والعبقري التعبيري «جو بيشي»، وذلك قبل أسبوع من بداية عرضه الرسمي بالولايات المتحدة، والذي رشح لـ 238 جائزة وحصل على 65، ورغم أنه لم يحصل على أي من جوائز الأوسكار بعدما نافس على 9 منها لكنه كان يستحقها.

هذا الشغف تجلى في اختيار فيلم الافتتاح للدورة 42 من المهرجان، ورائعة أخرى بعنوان «الأب» سيبدأ عرضها الرسمي نهاية فبراير 2021، وهذه المرة للعبقري «أنتوني هوبكنز» الذي جسّد أخيرًا دورًا تفوق فيه على نفسه وعلى أدائه في فيلمه «صمت الحملان» ونال عنه 13 جائزة منها جائزتي الأوسكار والكرة الذهبية، وفيلم «الأب» هي التجربة الأولى لمخرجه «فلوريان زيلر» الذي جعلته قدراته الإبداعية كروائي وكاتب مسرحي يبدو خبيرًا ومتفردًا.

وجدت إدارة المهرجان للعام الثاني على التوالي منجزًا تبرزه وتتباهى به رغم أنه من شروط ومعايير الصفة الدولية للمهرجان، ويتمثل في العروض الأولى عالميًا وخاصة أفلام المسابقة الدولية، وهو ما يعيدنا إلى عشر سنوات رصدنا وانتقدنا خلالها أن أفلام مهرجاننا الكبير والعريق سبق عرضها، بمعدل أكبر رغم قلة عدد الأفلام إلى النصف تقريبًا والتي اقتصرت على 84 فيلمًا من 43 دولة، منها 20 فيلم عرض عالمي أول أي ما يقرب من 25%، 51 عرض أول في أفريقيا والوطن العربي أي ما يزيد عن 63%.

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى