سلايدرفنون
أخر الأخبار

الصورة الجوهر..ندوة جديدة فى بيت الشعر بالأقصر

كتب: محمد إمام
أقام بيت الشعر بالأقصر ندوة نقدية بعنوان “الصورة والجوهر” حاضرت فيها الدكتورة هدى عطية وقام بتقديم الأمسية الشاعر حسين القباحي مدير بيت الشعر بالأقصر وذلك فى مساء أمس.
بدأت الدكتور هدى عطية بالحديث عن ضرورة الشعر في الحياة وأنه ليس عرضا كما قد يتصور البعض بل هو ضرورة وقدر محتم، منذ أن خلق الله آدم، ومنذ أن كانت اللغة والذاكرة والخيال منحة الإنسان الأول؛ فكيف لنا أن نفهم هذه المنح الثلاث – وبالأخص الخيال- بعيدا عن فكرة الإيذان بحق آدم وذريته في إعادة خلق العالم وتشكيله، لا ليكون عالما بذاته، بل ليصير عالما لنا وبنا ومن أجلنا؟! كيف نفهم هذه الأدوات، التي حملها آدم مقذوفا به في العالم، بعيدا عن منحة أن يكون الإنسان خالقا؟!
والسؤال هو: ماذا يعود على الكائن الإنساني حينما يستخدم هذه الآليات في تشييد صورة لا يقرها الواقع من حوله؟
أقول لكم: هناك كائن يخطط لأهدافِه، ويدرك غاياتِه. فإن تقويض الصورة المعتادة لعناصر العالم المعيش، أو لأى من أطره: المكانيّة والزمنية، وبناء صورة جديدة، ذات ماهيّة خيالية تحديدًا، فعل لا يئول إلى رغبة فى العبث بالواقع واللعب بهندسته؛ فإن أيّة صورة يبنيها الإنسان لنفسه عن العالم هى تأكيد لذاته فى العالم. فالإنسان لا يقصد الأشياء ليعرفها فحسب، أو ليقدم منظورات خيالية لوجودها العيانى؛ بل ليعرف ذاته ويحقق بعض ممكناتِ وجودِه التى تحول حتميات الواقع دون تحقيقها. فإذا كان الواقع يقمع تطلع الذات إلى الحماية والطمأنينة لكونها ملقاة في العالم، وإذا كان يقمع تطلعها إلى الإلف لكونها موجودة في معية آخر رآه سارتر الجحيم بعينه، وإذا كان الواقع يقمع تطلع الذات إلى البقاء والخلود- فإن الوعي الإنساني يعيد خياليا شحن عناصر العالم بكل القيم التى تدعم وجود الإنسان وتكفل للذات الإنسانية خلاصها. هذه هى الفكرة المبدئية التى ينبغى الالتفات إليها ووضعها فى الاعتبار حينما نتحدث عن تأسيس صوري للعالم، وبالأخص عبر الشعر.
وينبغى أن نعترف بأن لدى كل شاعر جزءًا من الوعى لا يعزى إلى ذاته وحدها، فإن استمرار توالد الصور المتشابهة والمتناظرة، وائتلافها فى حقل مشترك لعالم التخيّل رغم انتمائها لذاوات شعرية متباينة، يغدو دليلا على انفلات الوعى المبدع _ ولو بشكل جزئى _ من إسار التجربة الذاتيّة الخالصة والمشروع الفردى المنعزل، وخضوعه ـ فى الآن ذاته ـ لمشروع إبداعى عام نراه منثورًا فى الخطاب الشعرى، بمفهومه الواسع ، داعيًا إيانا إلى التساؤل عن إمكان وجود أنا بينية لاتفتأ تسكن أعماق كل شاعر مجاورًا “أناه” الخاصة .
ولعلّ من مكتسبات هذه المحاضرة أنها تقتحم الحقل المشترك للتخيّل، كشفاً للمشروع الإنساني الذى يوجّه وعي الشاعر ويحدّد قصديّته، وذلك رغم ما يكتنف هذه المغامرة التحليلية من مصاعب وما تتطلبه من جهد تأسيسىٍّ قوامه التنضيد والتصنيف

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى