علوم وتكنولوجيا

زرع ذكريات مكانية في الدماغ بالضوء

استخدم علماء الأعصاب في جامعة كاليفورنيا الأميركية أشعة الليزر لتعديل وزرع الذكريات المكانية في الخلايا العصبية لأدمغة الفئران، ما قد يوفر رؤية ثاقبة جديدة لطريقة تكوّن الذكريات داخل أدمغة الثدييات ويوضح كيفية دعمها.

واستخدم الباحثون شعاعاً مزدوجاً من الليزر للقراءة والكتابة على الخلايا المسؤولة عن تحديد الأماكن في أدمغة الفئران، بشكل يشبه إلى حد بعيد كتابة البيانات وقراءتها من الأسطوانات المدمجة CDs.

وتقول الدراسة المنشورة في دورية “سيل Cell” إن الحُصين أو “Hippocampus”، أحد البنى التشريحية في الدماغ، هو المسؤول الرئيسي عن التنقل المكاني وتشكيل الذاكرة العرضية، إذ تُظهر خلاياه نشاطاً انتقائياً يشكل الأساس العصبي لتكوّن الخرائط التي تدعم وظائف الدماغ في تذكّر الأماكن.

وطيلة السنوات الماضية، لم يستطع العلماء إثبات التأثير المباشر لنشاط خلايا المكان على سلوك التنقل، لذا تُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تُظهر بشكل مباشر أن نشاط هذه الخلايا يكمن وراء القدرة على التنقل.

في هذه الدراسة، وضع الباحثون الفئران في بيئة من الواقع الافتراضي واستخدموا تقنيات تصوير الدماغ لتحديد “خلايا المكان” في المخ، وهي مجموعة الخلايا التي تنشط أثناء تنقل الفئران في الواقع الافتراضي، ثم قاموا بتحفيزها من خلال شعاع الليزر لمراقبة سلوكها.

ولاحظ الباحثون أن الفئران التي حُفزت خلاياها المكانية أدت المهام وتجولت في الواقع الافتراضي بصورة أفضل، ما يوفر دليلاً على أن “خلايا المكان” الموجودة في الحُصين تدعم بشكل فعال التنقل المكاني والذاكرة.

ثم حفز الباحثون خلايا الفئران بالليزر للحصول على مكافأة “افتراضية” (غير موجودة فعلياً)، عبر كتابة مجموعة من البيانات على خلايا الذاكرة المكانية، فوجدوا أن الفئران تتوجه إلى أماكن المكافأة بشكل مباشر.

يعتمد هذا البحث على العمل الرائد الذي حصل بموجبه البروفيسور جون أوكيف على جائزة نوبل الطب عام 2014 إثر اكتشافه “خلايا المكان” في الدماغ. ويُعتقد أن هذه الخلايا تمثل خريطة معرفية للبيئة، مثل نظام تحديد المواقع العالمي، وتحتفظ بذاكرة الموقع.

وتوفر النتائج فهماً أعمق لكيفية الاحتفاظ بالذكريات. ويرى علماء جامعة كاليفورنيا أنها يمكن أن تساعد في تطوير علاجات جديدة لحالات تؤثر على الذاكرة، مثل الخرف ومرض “ألزهايمر”.

وتثبت الدراسة أن الفئران في الواقع “تستمع” إلى خلاياها المكانية عندما تتخذ قرارات. وهذا يوفر رؤى جديدة حول كيفية تخزين الذكريات في الدماغ، إضافة إلى إثبات إمكان استخدام أدوات جديدة للتلاعب بهذه الذكريات للتأثير على الفئران.

وقد يؤدي هذا العمل في النهاية إلى فهم أفضل لأمراض التنكس العصبي، ولا سيما مرض “الزهايمر”، فضلاً عن توفير أدلة يُمكن استخدامها لصياغة أهداف جديدة للتدخل العلاجي.

الشرق

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى