علوم وتكنولوجيا

العرق للتنبؤ بعاصفة كورونا

في وقت مبكر من جائحة “كوفيد-19″، أدرك الأطباء أن المرضى الذين طوّروا “عاصفة السيتوكين”، أو ما يُعرف بزيادة الأجسام المناعية، كانوا في الغالب الأكثر مرضاً وعرضة لخطر الوفاة.

ويحاول العلماء منذ ذلك الحين تطوير مجموعة من الطرق التي يمكنها التنبؤ بتلك العاصفة، وحسب ما نُشر في دورية “الجمعية الكيميائية الأميركية”، أعلن العلماء عن نتائج أولية لجهاز استشعار يمكنه استخدام العرق كنظام إنذار مبكر قادر على التنبؤ باحتمالية حدوث عاصفة السيتوكين، وهو أمر من شأنه مساعدة الأطباء في علاج المرضى بطرق أكثر فعالية.

ويعد الاكتشاف المبكر لحدوث عاصفة السيتوكين أمراً مهماً للغاية، إذ يمكن أن يؤدي الالتهاب المفرط الناجم عنها لحدوث تلف في الأعضاء وقد يفضي إلى الوفاة. وإذا ما تمكن الأطباء من إعطاء علاجات الستيرويد أو الكورتيزون أو غيرها بمجرد أن تبدأ مستويات السيتوكين في الارتفاع، فستقل حالات الوفاة.

“عاصفة السيتوكين”

عاصفة السيتوكين هي أحد ردود الفعل المناعية الخارجة عن السيطرة، فعندما تهاجم الكائنات المسؤولة عن المرض مثل الفيروسات الجسم، يبدأ الجهاز المناعي في خوض معركته ضدها عبر تجنيد مجموعة من الجزيئات لمهاجمة مسببات المرض.

لكن في بعض الأحيان تبدأ تلك الجزيئات بمهاجمة الجسم نفسه، بسبب ما يُعرف بـ”اضطراب المناعة”، إذ يُمكن أن يلحق ذلك الهجوم بالجسم خسائر جمة وقد يسبب الوفاة.

وعلى الرغم من أن اختبارات الدم يمكن أن تقيس السيتوكينات، إلا أنه يصعب إجراؤها في المنزل، ولا يمكنها مراقبة مستويات تلك الأجسام باستمرار.

وتفرز السيتوكينات في العرق بمستويات أقل من الدم، ولجمع كمية كافية من العرق للاختبار، طلب العلماء من المرضى ممارسة الرياضة أو قاموا بتوصيل تيار كهربائي صغير على جلد المرضى، إلا أن هذه الإجراءات يمكن أن تغيّر مستويات السيتوكين وتعطي قراءات غير دقيقة. لذا، يجب قياسها في العرق السلبي.

والتحدي الكبير هو أننا لا نتعرق كثيراً، خاصة في البيئات المكيّفة، كما يقول الباحثون في تلك الدراسة. فمعظم الناس ينتجون نحو 5 ميكرولترات فقط أو عُشر قطرة من العرق السلبي لكل سنتيمتر مربع من الجلد تقريباً في 10 دقائق.

لذلك أراد الباحثون تطوير طريقة حساسة للغاية لقياس مستويات السيتوكين بكميات ضئيلة من العرق السلبي.

جهاز مستشعر

وكان الفريق البحثي طوّر جهاز SWEATSENSER Dx القابل للارتداء، ويُشبه ساعة اليد وهو قادر على استشعار العرق، بهدف رصد علامات لمرض التهاب الأمعاء، إذ يعمل على قياس مستويات بروتينين يرتفعان خلال نوبة التهاب الأمعاء.

وعند ارتداء الجهاز على الذراع، ينتشر العرق السلبي على شريط مستشعر متصل بقارئ إلكتروني. والشريط المستشعر، الذي يحتوي على قطبين كهربائيين، مغطى بأجسام مضادة ترتبط بالبروتينين.

ويؤدي ارتباط البروتينات بأجسامها المضادة إلى تغيير التيار الكهربائي المتدفق عبر القارئ الإلكتروني، ثم ينقل القارئ هذه البيانات لاسلكياً إلى تطبيق هاتف ذكي، يحوّل القياسات الكهربائية إلى تركيزات البروتين.

باستخدام الفكرة ذاتها، قام الباحثون بصنع مستشعرات جديدة مغطاة بأجسام يمكنها الالتصاق بجزيئات السيتوكين. وفي دراسة رصدية صغيرة، قاموا باختبارها على 6 أشخاص أصحاء و 5 أشخاص مصابين بالإنفلونزا التي تنتج النوع نفسه من السيتوكينات.

وأظهر اثنان من المرضى مستويات عالية من السيتوكينات، وفي جميع المشاركين كانت مستويات السيتوكينات في العرق السلبي قابلة للقياس بدقة.

وأشار الباحثون إلى أن جهاز SWEATSENSER Dx كان حساساً بدرجة كافية لقياس السيتوكينات في المرضى الذين يتناولون الأدوية المضادة للالتهابات، والذين يفرزون السيتوكينات في نطاق تركيز منخفض يُقدّر ببيكوغرام لكل مليلتر، إذ تتبع مستويات السيتوكين لمدة تصل إلى 168 ساعة، قبل أن يلزم استبدال شريط المستشعر.

نقلا عن الشرق

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى