منوعات

القصة الحقيقية لفيلم الفتوة.. وسر مقتل زيدان ملك الفاكهة

كتب – بيجاد سلامة

يعتبر فيلم الفتوة من العلامات الفنية الفارقة في السينما، وقد استلهم المخرج صلاح أبوسيف وقائع الفيلم من قصة حقيقية، وهي قضية تاجر الفاكهة والخضار ذائع الصيت وقتها محمد زيدان، والذي لقب في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات بملك الفاكهة، هذا الرجل الذي عاش حياة مليودرامية حتى وصل إلى علاقة وطيدة بالملك ورجال السراي ثم تحكم في سوق الخضار في مصر كلها.

ووفقًا لقصة الفيلم يأتي هريدي “فريد شوقي” من قريته إلى سوق الخضار بحثًا عن فرصة عمل، وبعد العديد من المحاولات، يجد عمل لدى المعلم أبوزيد “زكي رستم”، الذي يعد أكثر التجار سطوة في السوق بأكمله، وبعد فترة ينفصل هريدي ويتزوج من المعلمة حسنية “تحية  كاريوكا”، ويشكل معها ومع منافسي المعلم أبوزيد تحالفًا مضادًا لأبوزيد، ويحصل هريدي على البكوية وتقوى شوكته في السوق بمساعدة زوجته وشركائه ويتبدل حاله للأسوأ.

تم عرض الفيلم في إبريل 1957 ولاقي الفيلم نجاحًا جماهيريًا، حتي جاء اليوم الذي فوجئ منتج الفيلم فريد شوقي بسحب الفيلم من دور العرض، بعد أن رفع ورثة المعلم محمد زيدان دعوى قضائية مستعجلة يطالبون فيها بوقف الفيلم وذلك بتهمة التشهير وقد توجه أنصار المعلم محمد زيدان إلى سينما “الكورسال” الذي يعرض الفيلم وتم سحب الفتوة من السوق، وهنا يصرخ فريد شوقي في مذكراته ويقول إن الفيلم الذي توقعت له نجاحًا كبيرًا وصرفت عليه 27 ألف جنيه، سيتحول إلى خسارة كبيرة لي، خاصة وأن محامي زيدان صرح في الصحف أن الفيلم يعد تشويهًا لرجل توفي ولأولاده الذين يدرسون في الجامعة.

وفي يوم نظر القضية في المحكمة، شعر فريد شوقي أن محامي عائلة زيدان رجل قانون قوي بينما محاميه شاب ضعيف فطلب من القاضي أن يترافع عن نفسه، وقال: إن فيلم الفتوة مستوحى من الخيال وأنه لم يذكر سيرة محمد زيدان في الفيلم وأن تشابه الأحداث ما هي إلا واقع من المصادفة وطالب المحكمة أنه إذا تم وقف عرض الفيلم فإنه يطالب أيضًا المحكمة بأن تنظر إلى كيفية تكوين ثروة محمد زيدان وعائلته خاصة أنه كان ملك سوق الفاكهة وأنه كان يتاجر في السوق السوداء، فقام القاضي برفض دعوى عائلة محمد زيدان وإعادة عرض الفيلم مرة أخرى على شاشات السينما.

وعن ملك الفاكهة الحقيقي، فقد عاش حياة صاخبة ومات أيضًا بطريقة صاخبة جدًا، إذ تشير صحف ومجلات 1952 إلى حادثة قتل الحاج زيدان كونها حدثًا كبيرًا يهز سوق الخضار في مصر كلها آنذاك.

ففي أحد الأيام خرج زيدان من منزله قاصدًا سوق الخضار حينها صادف شحاذًا وأعطاه حسنة ليدعو له الأخير: “ربنا يكفيك شر طريقك”، لكن هذا لم يحدث وصل زيدان لسوق روض الفرج التي ما يسمع فيها صوت “كلاكس” سيارة الحاج زيدان، حتى يقف جميع الباعة والتجار ترحيبًا بمروره اليومي في الذهاب والعودة كما قالت إحدى الصحف أيضًا.

وينهي زيدان مهامه ثم يتوجّه إلى مزرعته في الجبل الأصفر، والتي استأجرها من وزارة الزراعة بمبلغ 32 ألف جنيه، وبعدها ركب سيارته عائدة إلى منزله مع سائقه الخاص وأثناء مروره بكوبري عزبة حافظ رمضان باشا في محافظة القليوبية استوقف السيارة 3 رجال، بحجة وجود حفرة كبيرة في الطريق ، بعدها فوجئ “زيدان” وسائقه بإخراج الرجال الثلاثة أسلحةً وانهالوا على السيارة بالرصاص ثم انضمت إليهم مجموعة أخرى كانت مختبئة خلف الأشجار لإتمام مهمتهم، ليقتلوا “ملك الفاكهة” بـ9 رصاصات

تواصلت أخبار جريمة القتل الكبيرة، فحين وصلت جثة ملك الفاكهة كان في استقباله قرابة ألفين من رجاله الذين ظلوا واقفين طوال الليل وحتى الثالثة ظهرًا لتشييع جنازته في حين رفض إخوته الـ12 استقبال أي عزاء إلا بعد الثأر لعميد العائلة.

بدأت التحقيقات في مقتل ملك الفاكهة وأُلقي القبض على سائقه الذي نجا من الموت بأعجوبة كما ذكر، وحامت حوله الشبهات فكيف ينجو من وابل الرصاص الذي قتل زيدان، وقال ابن ملك الفاكهة إن السائق سيئ السمعة، وفي الغالب سهل عملية قتل أبيه وباعه لخصومه، إلا أن السائق نفى ذلك تمامًا عن نفسه مبديًا تعجبه من عدم تحرك حرس “ملك الفاكهة” معه في تلك الرحلة.

و في ذلك الوقت نشرت الصحف تقارير تفيد بأن “زيدان” ترك 100 فدان و100 ألف جنيه في البنوك، وحصصًا في 26 منزلًا بشبرا وبولاق، بجانب منزله في حي السكاكيني، كما كشفت الصحف آنذاك عن بنائه مسجدًا بروض الفرج وأنه كان يوزع على الفقراء 1000 رغيف يوميًا.

وبعد حركة يوليو 1952 رجح البعض وترددت الأقاويل أن موضع اغتياله شارك فيه ذوي السلطة آنذاك وذلك بعد أن انتشر طغيان محمد زيدان

 

 

 

 

 

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى