منوعات

“ألماس الحاجب” مسجد بناه أحد أمراء ابن قلاوون

يقع مسجد “ألماس الحاجب” بشارع الحلمية ، بناه الأمير سيف الدين أُلماس الحاجب أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون، وكان مملوكاً للسلطان الناصر محمد، ثم ترقى إلى أن صار من الأمراء الكبار، وأصبح في منزلة نائب السلطان يعمل في خدمته الأمراء والحجاب إلى أن غضب عليه السلطان وأمر بالقبض عليه وسجنه ثم قتله في سنة 734هـ (1334م)؛ وذلك لسوء تصرفه في أثناء غياب السلطان في الأراضي الحجازية للحج.

هذا وقد كان يراسل الأمير جمال الدين أقوش نائب الكرك والذى تمرد على السلطان، فأمر السلطان بالقبض على ألماس الحاجب وألقى به فى السجن، حيث تم خنقه بعد ثلاثة أيام وكان ذلك فى صفر عام 734ه/1334م، وحمل من القلعة فدفن فى مسجده هذا، وكان لألماس دار تقع بجوار المسجد، وقد أفاض المقريزى فى وصف ما كان له من أموال وكنوز استولى عليها السلطان ومنها 600 ألف درهم فضة، و100 ألف درهم نحاس، و4000 دينار ذهب والكثير من الجواهر والتحف، كما أمر السلطان بنزع الرخام من جدران وأرضيات داره مما يدل على فخامة هذا الرخام الذى أمر السلطان بنقله للقلعة.

أما عن تاريخ إنشاء المسجد فتثبت النصوص التأسيسية العديدة بالمسجد ومنها النص بالواجهة الرئيسية، أنه تم البدء فى بناء المسجد عام 729هـ/ 1329م، وتم الانتهاء من تشييده عام 730هـ/1330م، وللمسجد واجهتان إحداهما هى الواجهة الشمالية الغربية، وهى الواجهة الرئيسية للمسجد وبها المدخل الرئيسى، ويعلوه المئذنة كما أنه يوجد بها واجهة القبة الضريحية الملحقة بالمسجد، أما الواجهة الثانية فهى الواجهة الشمالية الشرقية، وهى واجهة بسيطة بها مدخل ثانى يوصل لداخل المسجد.

والواجهة الشمالية الغربية طولها 40,24م ويتوسطها المدخل الرئيسى، ويزين تلك الواجهة على يمين ويسار المدخل حنيتان ذواتى صدر مقرنص بواقع حنية فى كل جانب، وبداخل كل حنية من أسفل نافذة مستطيلة مغشاة بمصبعات نحاسية يعلوها نافذة بشكل قندلية تتكون من نافذتين مستطيلتين متوجتين بعقد حدوة فرس، يعلوها قمرية مستديرة، ويغشى تلك القندليات أحجبة من الخشب المفرغ بهيئة زخارف نباتية غاية فى الدقة.

ويعلو تلك القندليات كتابات من عبارات دعائية، نص أحدها: «اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع بيننا وبين الصدق والإخلاص والخشوع والهيبة والنور واليقين والمعرفة والحفظ والعصمة والنشاط والقوة والفهم والبيان فى القرآن وأدخلنا مدخل صدق وأخرجنا مخرج صدق وأجعل لنا من لدنك سلطانا نصيرا» ويتوج كل حنية ثلاث حطات من المقرنصات.
أما المدخل الرئيسى فعبارة عن حجر عميق يغطيه سقيفة من مقرنصات ذات دلايات، وفتحة الباب عبارة عن فتحة مستطيلة يعلوها عتب من صنجات مزررة، يعلوه عقد عاتق من صنجات مزررة كذلك، ويعلو العقد العاتق نافذة توأمية متوجة بعقدى حدوة فرس يغشيها أحجبة من الخشب المفرغ بهيئة زخارف نباتية غاية فى الدقة، ويعلو تلك النافذة كتابات تأسيسية، ويغلق على الباب مصراعى باب من الخشب المصفح بالنحاس وتزدان الصفائح النحاسية بشكل أطباق نجمية وأجزائها وبداخلها زخارف نباتية غاية فى الإتقان.

ويتكون المسجد من الداخل من صحن أوسط مكشوف ذو مساحة مستطيلة إذ تبلغ أبعاده نحو 61,16*26,11م، ويحيط بالصحن أربعة أروقة تتكون من مجموعة من العقود المدببة المحمولة على أعمدة من الرخام عدا عقود الأركان الأربعة من الصحن، إذ يحمل عقودها أعمدة من الجرانيت، ويذكر المقريزى أن الرخام المستخدم فى المسجد جلب من بلاد الشام وجزر البحر المتوسط وبلاد الروم.

والمئذنة تقع على يمين المدخل الرئيسى وهى ليست المئذنة الأصلية للمسجد ولكنها ترجع للعصر العثمانى، وتبدأ بقاعدة مربعة بها باب معقود يؤدى لداخل المئذنة، أما الطابق الأول فهو مثمن الشكل فتح بكل ضلع من أضلاعه نوافذ يتقدم أربعة نوافذ منها مشترفات حجرية تقوم على مقرنصات، وينتهى هذا الطابق بحطات من المقرنصات تحمل شرفة خشبية ذات درابزين من قوائم بسيطة، يلى ذلك الطابق الثانى وهو اسطوانى الشكل يخلو من الفتحات والزخارف وينتهى هذا الطابق بحطات من المقرنصات اتسع بها بدن الطابق ليكون قاعدة لقمة المئذنة التى تأخذ شكل القلة، وهو نمط قمم المآذن الذى انتشر فى العصر المملوكى بشقيه البحرى والجركسى.

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى